بنيران القدس، ﴿وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ﴾ سرابيل المعرفة وأسلحة المحبة، لتدفعوا بها محاربة النفوس والشياطين، ثم زاد نعته ومنَّته عليهم بقوله: ﴿كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ﴾.
وفى سورة النمل عند قوله تعالى فى الآيتين [٢٠، ٢١] :﴿وَتَفَقَّدَ الطير فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى الهدهد أَمْ كَانَ مِنَ الغآئبين * لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾.. يقول: "إن طير الحقيقة لسليمان طير قلبه فتفقده ساعة، وكان قلبه غائباً فى غيب الحق، مشغولاً بالمذكور عن الذكر، فتفقده وما وجده. فتعجب من شأنه.. أين قلبه إن لم يكن معه؟.. فظن أنه غائب عن الحق وكان فى الحق غائباً، وهذا شأن غيبة أهل الحضور من العارفين ساعات لا يعرفون أين هم، وهذا من كمال استغراقهم فى الله، فقال: ﴿لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ : لأُعذبنه بالصبر على دوام المراقبة والرعاية، وألقينه فى بحر النكرة من المعرفة، ليفنى ثم يفنى عن الفناء، أو أذبحنه بسيق المحبة أو بسيف العشق، أو ليأتينى من الغيب بسواطع أنوار أسرار الأزل.. ".
هذا.. والكتاب مطبوع فى جزءين، يضمهما مجلد كبير، وتوجد منه نسخة بالمكتبة الأزهرية.
* * *
٤- التأويلات النجمية (لنجم الدين داية، وعلاء الدولة السمنانى)
* التعريف بمؤلفى هذا التفسير:
ألَّف هذا التفسير نجم الدين داية، ومات قبل أن يتمه، فأكمله من بعده علاء الدولة السمنانى، وسنوضح ذلك فيما بعد عند الكلام عن هذا التفسير، إذن فقد اشترك نجم الدين داية وعلاء الدولة السمنانى فى هذا التفسير، وإذن لزم الكلام عن حياة كل من الشيخين.
* أما نجم الدين داية:
فهو الشيخ نجم الدين، أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن شاهادر الأسدى الرازى المعروف بـ "داية"، المتوفى سنة ٦٥٤هـ (أربع وخمسون وستمائة من الهجرة).
كان من خيار الصوفية "أخذ الطريق عن شيخه نجم الدين أبى الجناب المعروف بالبكرى، وكان مقيماً أول أمره بخوارزم، ثم خرج منها أيام حروب جنكيز خان إلى بلاد الروم، وهناك لقى صدر الدين القنوى وأخذ عنه، ويقال: إنه استشهد فى حروب