جوهر الشىء زائداً فى المقدار من جميع جهاته أى الطول والعرض والعمق. وهذه القوى هى التى تؤثر فى زيادة الجسم المغتذى والنامى من جميع الجهات المذكورة"... إلخ.
ويُفسِّر قوله تعالى فى الآية [٥] من سورة الفلق أيضاً: ﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾.. فيقول: "عنى به النزاع الحاصل بين البدن وقواه كلها، وبين النفس".
وفى سورة الناس يُفسِّر قوله تعالى فى الآية [٤] :﴿مِن شَرِّ الوسواس الخناس﴾.. فيقول: "هذه القوة التى توقع الوسوسة هى القوة المتخيلة بحسب صيرورتها مستعملة للنفس الحيوانية، ثم إن حركتها تكون بالعكس، فإن النفس وجهها إلى المبادىء المفارقة، فالقوة المتخيلة إذا جذبتها إلى الاشتغال بالمادة وعلائقها فتلك القوة تخنس - أى تتحرك - بالعكس وتجذب النفس الإنسانية إلى العكس، فلهذا سمى خَنَّاساً".
ويُفسِّر قوله تعالى فى الآية [٦] من سورة الناس أيضاً: ﴿مِنَ الجنة والناس﴾.. فيقول: "الجن هو الاستتار، والإنس هو الاستئناس، فالأُمور المستترة هى الحواس الباطنة، والمستأنسة هى الحواس الظاهرة".
* *
رأينا فى تفسير الفلاسفة
هذا هو بعض ما قاله ابن سينا فى شرحه لبعض نصوص القرآن الكريم، وهو كما ترى عَيْن ما يذهب إليه الباطنية فى تأويلاتهم للآيات القرآنية، ولا أحسب أن مسلماً مهما كان محباً للفلسفة والفلاسفة يقر ابن سينا وأمثاله على دعوى أن الحقائق القرآنية رموز وإشارات لحقائق أُخرى، دقَّت عن أفهام العامة، وخفيت على عقولهم القاصرة، فرمز إليها النبى بآيات القرآن الكريم.
هذا.. ولعل القارىء الكريم يلحظ معى أن الإمامية الإثنا عشرية والباطنية الإسماعيلية، ومتطرفى الصوفية، ورجال الفلسفة الإسلامية، كلهم يسيرون على نمط واحد هدَّام لمقاصد القرآن ومراميه، ذلك هو ما يُعبِّرون عنه بالرمز، أو الإشارة، أو الباطن. ويظهر لنا أنها عدوى سرت إلى المسلمين من قدماء الفلاسفة، ثم تلقتها هذه الفِرَق بصدر رحب، وتقبلتها بقبول حسن، لأنهم رأوا فيها عوناً كبيراً على ترويج بدعهم، ونشر ضلالاتهم بين المسلمين!!
* * *