عنه بالماضى على ما هو المستقبل الآتى كما يقتضيه كثير من التأويلات فقال: روى الكلينى فى الكافى بإسناده عن أبى جعفر الباقر عليه السلام أنه قال: إذا علم الله شيئاً هو كائن أخبر خبر ما قد كان. يعنى: إذا كان فى علم الله تعالى الكامل وقوع الشئ لا محالة وأنه سيكون قطعاً، أخبر عنه على سبيل ما قد مضى وكان، سواء أكان ذلك مما يدل عليه ظاهر القرآن وتنزيله، أو باطنه وتأويله، كما هو مقتضى التطابق كأحوال يوم القيامة مثلاً، والثواب والعقاب وسائر ما هو من هذا القبيل كالرجعة وما يكون فيها، وما يصدر من الأُمة بالنسبة إلى الإمامة وأمثال ذلك.. قال: ولا يخفى أنه بناءً على هذا يرتفع الاستبعاد المذكور (ص ٣٨).
وجعل الفصل السادس: فى بيان ما يظهر من الأخبار من أن إيراد أكثر الأشياء التى نسبها الله عَزَّ وجَلَّ إلى نفسه على صيغة الجمع وضميره كقوله سبحانه وتعالى: ﴿فَلَمَّآ آسَفُونَا انتقمنا مِنْهُمْ﴾ [الزخرف: ٥٥]، وقوله عَزَّ وجَلَّ: ﴿إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ [الغاشية: ٢٥-٢٦]، وأمثالها من الكلمات القرآنية فإن السر فيه إدخال النبى ﷺ والأئمة فيها، بل إنهم هم المقصودون فى كثير منها. وعَدَّ هذا من قبيل المجازات الشائعة فى كلام الملوك والأعاظم... ثم قال: فلنكتف ههنا بنقل بعض الأخبار الدالة عليه، وذكر أخباراً، منها: ما رواه الكلينى فى الصحيح عن حمزة بن بزيغ عن أبى عبد الله عليه السلام فى قول الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَلَمَّآ آسَفُونَا انتقمنا مِنْهُمْ﴾.. فقال: إن الله تعالى لا يأسف كأسفنا، ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون وهم مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضا نفسه، وسخطهم سخط نفسه، لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه... إلخ، وليس أن ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه، ولكن هذا معنى ما قال من ذلك، وقد قال: "مَن أهان لى ولياً فقد بارزنى بالمحاربة ودعانى إليها"، وقال: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله﴾ [النساء: ٨٠]، وقال: ﴿إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: ١٠].. قال: وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك الخبر ولا يخفى صراحة فى المقصود ههنا.. قال: وفى الكافى وغيره عن زرارة عن أبى جعفر قال: سألته عن قول الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا ولاكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٠] فقال: إن الله أعظم وأعَزّ وأجَلّ من أن يُظلم، ولكن خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته حيث يقول: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ والذين آمَنُواْ﴾ [المائدة: ٥٥].. يعنى الأئمة منا (ص ٣٩).
وجعل الفصل السابع: فى بيان ما يظهر من الأخبار من إطلاق لفظ الجلالة والإله والرب بحسب بطن القرآن وتأويله على الإمام فى مواضع عديدة، بل هكذا حال بعض الضمائر الراجعة بحسب التنزيل إليه سبحانه، وأن تأويل ما نسبه الله إلى نفسه