بالمدينة على الراجح، وتوفى بـ "سُرَّ من رأى" سنة ٢٦٠ هـ (ستين ومائتين) ودفن بها بجانب أبيه.
* *
*التعريف بهذا التفسير:
عثرنا على هذا التفسير فى دار الكتب المصرية فوجدناه منسوباً إلى الإمام أبى محمد الحسن العسكرى، ومروياً عنه برواية أبى يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبى الحسن علىّ بن محمد بن محمد بن سيار، وهما من الشيعة الإمامية، وقد تلقيا هذا التفسير وكتباه عن الحسن العسكرى فى سبع سنين. ولهما فى تلقى هذا التفسير عن الحسن العسكرى قصة غريبة فى مقدمة الكتاب حدَّثا بها فقالا ما ملخصه: كنا صغيرين. وكان أبوانا إماميين، وكانت الزيدية هم الغالبين بـ "إستراباذ"، وكنا فى إمارة الحسن ابن زيد العلوى، الملقب بالداعى إلى الحق، إمام الزيدية، وكان كثير الإصغاء إليهم، يقتل الناس لسعاياتهم، فخاف أبوانا الوشاية بهما عنده فخرجا بنا وبأهلينا إلى حضرة الإمام أبى محمد الحسن بن علىّ بن محمد أبى القائم، فلما دخلا عليه قال لهما: مرحباً بالآوين إلينا، الملتجئين إلى كنفنا، قد تقبَّل الله سعيكما، وآمن روعكما، وكفاكما أعداءكما، فانصرِفا آمنين على أنفسكما وأموالكما، قالا: فماذا تأمر أيها الإمام؟ أن نرجع فى طريقنا إلى أن ننتهى إلى بِلد خرجنا منه؟ وكيف ندخل ذلك البلد ومنه هربنا وطلب سلطان البلد لنا حثيث، ووعيده إيانا شديد؟ فقال عليه السلام: خلِّفا علىَّ ولديكما هذين لأفيدهما العلم الذى يشرفهما الله به، ثم لا تحفلا بالسعاة ولا بوعيد المسعى إليه، فإن الله عَزَّ وجَلَّ يقصهم السعاة ويلجئهم إلى شفاعتكم فيهم عند مَن هربتم منه.
قال أبو يعقوب وأبو الحسن: فأتمرا لما أُمِرا، وخرجا وخلِّفانا هناك، فكنا نختلف إليه فيتلقانا ببر الإماء وذوى الأرحام الماسة، فقال لنا ذات يوم: إذا أتاكما خبر كفاية الله عَزَّ وجَلَّ أبويكما، وإخزائه أعداءهما، وصدق وعدى إياهما، جعلت من شكر الله عَزَّ وجَلَّ أن أفيدكما تفسير القرآن مشتملاً على بعض أخبار محمد صلى الله عليه وسلم، فيعظم الله بذلك شأنكما، قالا: ففرحنا وقلنا: يا ابن رسول الله؛ فإذن نأتى جميع علوم القرآن ومعانيه؟ قال: كلا، إن الصادق علم ما أريد أن أعلمكما بعض أصحابه ففرح بذلك وقال: يا ابن رسول الله قد جمعت علوم القرآن كلها، قال: قد جمعت خيراً كثيراً وأُوتيتُ فضلاً واسعاً، ولكنه مع ذلك أقل قليل أجزء علم القرآن، إن الله عَزَّ وجَلَّ يقول: {قُل لَّوْ كَانَ البحر مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البحر قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ


الصفحة التالية
Icon