"هيهات هيهات! إن الصبح يطمس النجوم وإن كانت زاهرة، والبحر يغمر الأنهار وإن كانت زاخرة.." _ ٢٩٠
"ومنَ المؤتلف قوله تعالى:
﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ﴾
"وهذه ثلاث كلمات، كل كلمة منها أعز من الكبريت الأحمر - ٢٩٦
"أي خاطر يتشوف إلى أن يقول:
﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ...﴾ الآية؟
"وأي لفظ يدرك هذا المضمار، وأي حكيم يهتدي إلى ما لهذا من النور، وأي فصيح يهتدي إلى هذا النظم؟ - ٣٠٣.
"ثم تأمل قوله:
﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ...﴾
"كل كلمة من ذلك على ما قد وصفتها، من أنه إذا رآها الإنسان في رسالة، كانت عينَها، أو في خطبةٍ كانت وجهها، أو قصيدة كانت غرة غرتها وبيت قصيدتها، كالياقوتة التي تكون فريدة العقد وعين القلادة ودرة الشذر، إذا وقع بين كلام وشَّحه، وإذا ضُمن في نظام زيَّنه، وإذا اعترض في خطاب تميز عنه وبان بحسنه منه - ٣٠٤.
"أرفع طرف قلبك وأنظر بعين عقلك وراجع جلية بصيرتك، إذا تفكرت في كلمة كلمة مما نقلناه إليك وعرضناه عليك، ثم فيما ينتظم من الكلمات إلى أن يتكامل فصلاًََ وقصة، أو يتم حديثاً وسورة؛
"لا، بل فكر في جميع القرآن على هذا الترتيب، وتدبره على نحو هذا التنزيل، فلم ندَّع ما ادعيناه لبعضه، ولم نصف ما وصفناه إلا في كلمة، وإن كانت الدلالة في البعض أبين وأظهر، والآية أكشف وأبهر؛