اسم ملك من ملائكته تعالى أو نبي من أنبيائه، فذلك أيضاً مما لم يحيطوا به علماً؛ ولا نتصور أنهم، الأمين، عكفوا على حساب الجُمَّل يعدون الحروف على عدَّ أبي جاد، كما فعل اليهودي "حيى بن أخطب، وأخوه أبو ياسر"
كما لا يسهل أن نتصور أنهم راحوا يحصون حرف القاف في (سورة ق) ومواقف الخصومة في سورة (ص) أو يربطون بين بداية الخلق ونهايته والمعاش والتكليف بينهما، بمخارج حروف (الم) من الحلق واللسان والشفتين....
* * *
ثم يرد على كل هذه الأقوال، سؤال عن وجه اختصاص بعض سور القرآن بفواتح من حروف مقطعة دون سائر السور. وإن كان الزمخشري يرى أن هذا السؤال ساقط "كا إذا سَمَّى الرجل بعض أولاده زيداً والآخر عَمْراً، لم يُقَلْ له: لم خصصت ولدك هذا يزيد وذاك عمرو؟ لأن الغرض هو التمييز، وهو حاصل أية سلك. ولذلك لا يقال: لم سُمَّي هذا الجنس بالرجل وذاك بالفرس، ولم قيل للانصتاب القيام، ولنقضيه القعود؟ "
على حين لم يُسقط الفخر الرازي هذا السؤال عن حكمة اختصاص بعض السور بحروف الفواتح دون سائر السور، بل رد عليه فقال:
"عقل البشر عن إدراك الأشياء الجزئية على تفاصيلها عاجز، والله أعلم بجميع الأشياء، لكن نذكر ما يوفقنا الله له"
ثم مضى فقدم في رده ملحظاً هاماً هو: غلبة ذكر القرآن أو الكتاب بعد هذه الفواتح. قال:
"كل سورة في أوائلها حروف التهجي، فإن في أوائلها ذكر الكتاب أو التنزيل أو القرآن، كقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon