"وحكمه التسمية والاختلاف في: ﴿الم﴾، ﴿المص﴾ نفوض الأمر فيها إلى المسمى سبحانه وتعالى. ويسعنا في ذلك ما وسع صحابة رسول الله - ﷺ - وتابعيهم. وليس من الدين في شيء أن يتنطع متنطع فيخترع ما يشاء من العلل التي قلما يسلم مخترعها من الزلل".
* * *
هذا الوجه الذي لمحه الإمام الطبري، وقال به عدد من أئمة المحققين، لغويين ومفسرين، وقرره الزمخشري ونصره أتم نصر، وأيده ابن كثير بما حكاه عن شيوخه... ؛
هو فيما نرى أقرب ما يكون طبيعة الكتاب العربي المبين في إعجاز بيانه.
ومن ثم أستخلصه من بين حشد الأقوال التي تأولوا بها فواتح السور وزادت على العشرين، فيما ذكر القاضي أبو بكر ابن العربي في فوائد رحلته.
وأمعن النظر فيها بمزيد تدبر، لعلى أجتلة منها ما أضيفه إلى ما قاله السلف الصالح في مجئ الفواتح بهذه الحروف التي يبني العرب منها كلامهم "بياناً لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن الإتيان بمثله، مع أنه مركب من الحروف التي يتكلمون بها".
وقد نقلنا ما وصل إليه جهدهم، من مجئ هذه الحروف القرآنية على حد النصف من حروف التهجي العربية، على أي وجه صنفها به علماء العربية وفقهاء اللغة بعد عصر نزول القرآن.
وليس لدىّ ما أضيف إلى هذا المجال.
ويبقى أن أتابع ما التفت إليه الرازي من غلبة مجئ هذه الحروف في سور مفتتحة بآيات فيها ذكر القرآن أو الكتاب أو التنزيل. فلا أربطها به من "المنبهات التي توجب ثبات المخاطب لاستماعه"ولا ألمح فيها ما لمحه في


الصفحة التالية
Icon