مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ٤٥: ٥٢
وكذلك يطرد الملحظ لا يتخلف، في سورة الروم، وفي ختامها تأتي هذه الآيات احتجاجاً للقرآن:
﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (٥٨) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٥٩) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾ ٥٨: ٦٠
* * *
ماذا عسانا أن نضيف إلى هذا الملحظ الهام الذي يتصل اتصالاً قوياً ومباشراً، بما يشغلنا من أمر الإعجاز البياني؟
يتجه منهجنا ابتداء، إلى استقراء كامل لجميع السور المفتتحة بالحروف المقطعة، مرتبة على حسب النزول. وهي محاولة لا أعلم أن أحداً ممن قرأت لهم في هذه الفواتح قد اتجه إليها، مع أنها التي يمكن أن تهيدنا إلى ملحظ مشترك في هذه السور جميعاً، مأخوذ من تدبر سياقها وفهم طبيعة المقام الذي اقتضى إيثارها بهذه الفواتح، مرتبطاً بسير الدعوة عصرَ المبعث ونزول آيات المعجزة:
وأول سورة نزلت مفتتحة بالحرف، هي سورة القلم ثاني السور على المشهور في ترتيب النزول. واللافُت اقترانُ الحرف فيها بالقلم وما يسطرون، والرد على المجادلون في المعجزة:
﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ ١: ١٥.


الصفحة التالية
Icon