وننظر في حروف أخرى لم يتأولوها على تقدير زيادتها، بل قدروها محذوفة، ومضوا في تأويل الآيات على تقدير حرف محذوف وهو مراد؟
ولنأخذ مثلاَ: حذف حرف "لا" مقدراً، في آيات:
يوسف ٨٥: ﴿قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾
النساء ١٧٦: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
البقرة ١٨٤: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾
تأويل الحذف فيها، يخضع للقاعدة النحوية في حذف "لا النافية".
وهم يقولون إنها تُحذف اطراداً في جواب القسم إذا كان المنفي مضارعاً.. وقدموا له شواهد من الشعر، وأما القرآن الكريم فقدموا منه آية يوسف: ﴿تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾.
على تأويل حرف (لا) محذوفاً، والتقدير: تالله لا تفتأ تذكر يوسف.
والذي نفهمه، هو أنه متى اطرد الحذف - كقولهم - فالسياق حتماً مستغنٍ عن المحذوف، ولا وجه إذن لتقدير الحرف ثم تأويل حذفه.
لأن السياق متى أعطى المعنى المراد، مستغنياً عن هذا الحرف أو عن غيره، كان ذكره من الفضول أو الحشو الذي يتنزه عن الكلام البليغ، فضلاً عن البيان المعجز. وأراهم في تقدير حرف نفي محذوف، حملوا "تفتأ" على: "مازال" أْمَّ الباب من أفعال الاستمرار. وقد نلحظ أن "زال" لا تكون فعل استمرار إلا منفية، ومضارعها: ما يزال فإذا لم يسبقها حرف نفي فهي تامة بمعنى الزوال


الصفحة التالية
Icon