﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ﴾ المائدة ١٩.
وأنظر معها آيات: البقرة ٢٨٢، المائدة ٢، الحجرات ٦، الفتح ٢٥...
* * *
وقريب من هذا، الإبقاءُ على حرف "لا" مع تعطيل دلالته في صريح النص، كمثل صنيعهم في تأويل آية التوبة:
﴿لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾ ٤٤
صريح سياقها: نفىُ استئذان المؤمنين في الجهاد. حَملها مفسرون على نفي الاستئذان في التخلف والقعود وترك الخروج للجهاد. من حيث بدا لهم أن الاستئذان لا يكون إلا في التخلف والقعود. قال الإمام الطبري:
"فأما الذي يُصدق بالله ويقر بوحدانيته وبالبعث والدار الآخرة والثواب والعقاب، فإنه لا يستأذن في ترك الغزو وجهاد أعداء الله بماله ونفسه. وعن ابن عباس: فهذا تعيير للمنافقين حين استأذنوا في القعود عن الجهاد من غير عذر. وعذَر الله المؤمنين، فقال: لم يذهبوا حتى يستأذنوه - ﷺ - ".
وهذا التأويل بنفي الاستئذان في القعود، يبدو مخالفاً لما ذهب إليه الزمخشري في تفسير الآية:
"ليس من عادة المؤمنين أن يستأذنوك في أن يجاهدوا. وكان الخُلَّص من المهاجرين والأنصار يقولون: لا نستأذن النبي أبداً، ولنجاهدن أبداً معه بأموالنا وأنفسنا".


الصفحة التالية
Icon