الأذية من الصديق هى أشد"من الأذية من العدو. أعنى أن الحكمة هى
صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة، فالأذية ممن ينسب إليها أشد الأذية مع
ما يقع بينهما من العداوة والبغضاء والمشاجرة. وهما المصطحبتان بالطبع
والمتحابتان بالجوهر والغريزة. وقد آذاها أيضا كثير من الأصدقاء الجهال ممن
ينسبون أنفسهم إليها، وهى الفِرق الموجودة فيها".
وفى عصر أبي الوليد ابن رشد، قدم الإمام فخرالدين الرازى - محمد بن
عمر، (ت ٦٠٦ هـ) كتابه (نهاية الإيجاز فى دراية الإعجاز) يوجر به أن
يستدرك ما فات غيره وإن عذب ما قالوه وبخاصة عبد القاهر الجرجاني، الذى قال فيه الرازى، فى مقدمة كتابه، إنه "أهمل فى رعاية ترتيب الأصول
والأبواب، وأطنب فى الكلام كل الإطناب.. ولما وفقنى الله لمطالعة كتابيه - دلائل الأعجاز، والشافية - التقطت منهما معاقد فوائدهما ومقاصد فرائدهما، وراعيت الترتيب مع التهذيب، والتحرير مع التقرير، وضبط أوابد الإجمالات فى كل باب بالتقسيمات اليقينية، وجمعت متفرقات الكلم فى الضوابط العقلية، مع الاجتاب عن الإطناب الممل، والاحتراز عن الاختصار المخل".
وفي القرن السابع أيضاً، قدم ابن أبي الأصبع المصرى (ت ٦٥٤) كتابه
(بديع القرآن).
***
ثم لم يمض غير قرن واحد، حتى كان الإمام يرحيى بن حمزة العلوى -
(ت ٧٤٩ هـ) يرى اليدان قفرأ خاليا، ولا ينقضى له عجب من حال علماء البيان وأهل البراعة فيه عن آخرهم، وهو أنهم أغفلوا بلاغة القرآن فى
مصنفاتهم.. مع أن ما ذكروه من الأسرار المعنوية واللطائف البيانية من