وقد حمل البقاعى ذلك منهم على داء الحسد، فقال فيما نقل حاجى خليفة
في الكشف:
"إني بعدما توغلت فيه واستقامت لى مبانيه فوصلت إلى قريب من نصفه،
فبالغ الفضلاء فى وصفه بحسن سبكه وغزارة معانيه وإحكام رصفه، دبَّ داء
الحسد في جماعة أولى نكد ومكر، فصوبوا من سهام الشرور والأباطيل وأنواع الزور ما كثرت بسببه الوقائع وطال الأمر فى ذلك سنين وعَم الكرب"
وفات البقاعى أن يدرك أن المجال يتسع لآراء مخالفيه، وأن أعلام السلف
قالوا فى مصنفاتهم فى تفسير القرآن ونظمه وإعجازه، مثل ما قال فى كتابه
(نظم الدرر) فلم يُسلَّم لأحد منهم أن يدعى القول الفصل فى الكتاب
المعجز -.
فى القرن الثامن، لخص "البدر الزركشى" الأقوال فى الإعجاز، فى النوع
الثامن والثلاثين من كتابه (البرهان فى علوم القرآن) آل إليه الجلال السيوطى
فى "فصل فى وجوه الإعجاز" من كتابه (الإتقان فى علوم القرآن).
وفى العصر الحديث، عقد "الشيخ محمد عبده" فى (تفسير الذكر الحكيم)

فصلا "فى تحقيق وجوه الإعجاز بمنتهى الاختصار والإيجاز" مهد له بقوله:


"وللباحثين فيه أقوال كُتبت فيها فصول وألفت فيها رسائل وكتب.
وقد عقدت هذا الفصل لما علمت من شدة حاجة المسلمين أنفسهم إليها، دع أمر دعوة غيرهم أو الاحتجاج عليهم بها...
"ولعمرى إن مسألة النظم والأسلوب لإحدى الكبر، وأعجب العجائب لمن
فكر وأبصر. ولم يوفها أحد حقها على كثرة ما أبدأوا فيها وأعادوا".
وجاء من بعده السيد مصطفى صادق الرافعى فنظر فى تراث المكتبة
القرآنية فلم يرَ فيه كله شيئاً ذا بال، بل وجد أن القوم من علمائنا رحمهم
الله


الصفحة التالية
Icon