قبل، بأنك إذا قست الشعر بهذا المقياس، فلن تعدم أن تجد في كل كلام حتى كلام السوقة والباعة، ما تحمله على الشعر!.
وما نعلم المشركين خاضوا أيام المبعث، في أن من آيات القرآن ما يمكن أن يُحمل على وزن الشعر ونسقه حين قالوا إن محمداً شاعر، وإنما أرادوا أن للقرآن مثل وقع الشعر على الوجدان والعقل، وذهبوا إلى وصف سحر بيانه، بما ألفوا من وصف روائع شعرهم.
وأوهن منه أن يرد الباقلانى على من يسأل عن هذا الوجه في حمل وصف المشركين للقرآن بالشعر على أن فيه مقاطع موزونة كوزن الشعر، بمثل قوله: "أعلم أن الذي أجاب به العلماء عن هذا السؤال سديد. وهو أنهم قالوا: إن البيت الواحد وما كان على وزنه لا يكون شعراً. وأقل الشعر بيتان فصاعداً. وإلى ذلك مذهب أكثر أهل صناعة العربية من أهل الإسلام.
"وقالوا أيضاً: إن ما كان على وزن بيتين إلا إنه يختلف وزنهما أو قافيتهما فبيس شعر.
"ثم منهم من قال إن الرجز ليس بشعر أصلاً، لاسيما إذا كان مشطوراً أو منهوكاً. وكذلك ما كان يقاربه في قلة الأجزاء. وعلى هذا يسقط السؤال".
وأضاف:
"ثم يقولون إن الشعر إنما يطلق متى قصد القاصد إليه على الطريق الذي يُتعمد ويُسلك، ولا يصح أن يتفق مثله إلا من الشعراء دون ما يستوي فيه العامي والجاهل، والعالم بالشعر واللسان وتصرفه. وما يتفق من كل واحد،