القدرة على الإتيان بمثله، في فصاحته، لولا صرفهم عن ذلك.
ومدار كلامه، على إعجاز القرآن بفصاحته والتحدي بأن يأتوا بمثله. وقد تجرد لبيان وجه "اختصاص القرآن بمزية في رتبة الفصاحة خارجة عن العادة" ردًّا على من قالوا: "فبَيًّنُوا أن للقرآن هذه الرتبة في الفصاحة ليتم ما ذكرتم"
وحين عرض لاختلاف مذاهب العلماء في وجه إعجاز القرآن، صرح بأن فصاحته الخارجة عن العادة هي وجه الإعجاز ومناط التحدي به، قال:
"واختلف العلماء في وجه دلالة القرآن: فمنهم من جعله معجزاً لاختصاصه برتبة الفصاحة خارجة عن العادة. وهو الذي نظرناه وبينَّا مذهب شيوخنا فيه.
"ومنهم من قال: لاختصاصه بنظم مباين للمعهود عندهم صار معجزاً. ومنهم من جعله معجزاً من حيثُ صرفت همهم عن المعارضة وإن كانوا قادرين متمكنين، ومنهم من جعله معجزاً لصحة معانيه واستمرارها على النظر وموافقتها لطريقة العقل".
وفي إبطال الصرفة، بالفهم الشائع، قال: إن المتقدمين قالوا بها لعجزهم عن معارضته.
"فلما رأى أتباعهم الأكابرَ ضاق ذرعهم بالقرآن وعدلوا عن المعارضة إلى الأمور الشاقة، تبعوهم في هذه الطريقة لعلمهم بأنهم عن ذلك أشد عجزاً. فذلك استمرت أحوالهم على هذا الوجه، لا للصرفة التي ظنها السائل. ولولا أنهم علموا أن القرآن في أعلى رتبة من الفصاحة الجامعة لشرف اللفظ وحسن المعنى حتى بهرهم ذلك، لقد كان يجوز أن يختلفوا في سائر المعارضة فيكون فيهم من يكفُّ وفيهم من يحاول... لكن الأمر في القرآن لَمَّا كان على ما ذكرناه عدلوا عن المعارضة لظهور حاله. ولولا صحة ذلك من هذا