الألفاظ للمعاني المتداولة المألوفة والأسباب الدائرة بين الناس، أسها وأقرب من تخير الألفاظ لمعان مبتكرة وأسباب مؤسسة مستحدثة. فإذا برع اللفظ في المعنى البارع كان ألطف وأعجب من أن يوجد اللفظ البارع في المعنى المتداول المتكرر، والأمر المتقرر المتصور. ثم انضاف إلى ذلك التصرفُ البديع في الوجوه التي تتضمن تأييد ما يُبتدأ تأسيسه ويراد تحقيقه، بَانَ التفاضلُ في البراعة والفصاحة. ثم إذا وجدت الألفاظ وفق المعنى والمعاني وفقها، لا يفضل أحدهما على الآخر فالبراعة أظهر والفصاحة أتم".
ويوشك أن يكون هذا هو النهج الغالب على من عدواً قيم القرآن وأحكامه وجهاً من وجوه إعجازه، لم يفصلوها عن نظمه المعجز الذي حشدوا جهدهم للنظر في بلاغته.
وإعجاز القيم والمثل والأحكام القرآنية، ليس موضع جدل أو خلاف. لكنه كما التفت الخطابي "ليس بالأمر العام في كل سورة من سور القرآن، وقد كانت المعاجزة بسورة واحدة. ومعلوم بالضرورة أن سورة واحدة لا تجمع كل ما ذكروه من أحكام القرآن ومعانيه ومثله وآدابه"٢٧.
فضلاً عن كون التشريع والأحكام، مما اتجهت إليه عناية القرآن في العهد المدني أكثر، بعد حسم قضية المعاجزة، بآية البقرة: أولى السور المدنية.
* * *
* ويقال مثل هذا فيمن ذهبوا إلى أنه معجز بما ذَكَر من أحداث قبل أن تقع، وأخير عن أمور كانت لا تزال مطوية في مضمر الغيب، ثم حدثت تماماً كما أنبأ عنها.
وهو أحد وجوه قال بها الأشاعرة في الإعجاز ولم يختلف أحد معهم في صدق ما أخبر به القرآن من أحداث قبل أن تقع، حتى أصحاب الصرفة من المعتزلة قالوا


الصفحة التالية
Icon