أن الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه، (وَهُمَا) يعني أبا بكر
وأم رومان (يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ) ويسألانه أن يوفقه للإيمان ويقولان له، (وَيْلَكَ آمِنْ)
قال السدي: فاستجاب الله دعاءهما فأسلم وحسن إسلامه، ولقد رأيته وما
بالمدينة أعبد منه - قال: ولما أسلم نزلت فيه: " ولكلِ درجات مما
عملوا)، وأنكر أكثر المفسرين هذا، وقالوا: روي عن عائشة: - رضي الله
عنها - أنها قالت لمروان بن الحكم - حين خطب زياد بالمدينة وأثنى على
معاوية ورد عليه عبد الرحمن، فقال مروان: هذا الذي قال لوالديه أف
لَكما -: كذبت، لأنها نزلت في أبيك وأخيك، وفي رواية قالت: والله ما هو به ولو شئت لسميته، ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه، فأنت ممن لعنه
الله. قال الزجاج: ويدل على أنها ليست في عبد الرحمن: أن الله أخبر
عن قائل هذا الكلام بأنه من أهل النار في قوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ)، قال مجاهد ونزلت في عبد الله بن أبي بكر بطولها.
قوله: (وَيْلَكَ) نصب على المصدر، والمصادر التي لا أفعال لها الاختيار فيها
النصب إذا أضيفت، ومثله "وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا"، فإن كانت غير مضافة
فالاختيار الرفع كقوله (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١)، وأما المصادر التي لها
أفعال، فعلى الضد من ذلك، فإن الاختيار فيها الرفع إذا كانت معرفة، نحو
الشكر لله والحمد لله، وحمداً لزيد وشكرا له، وقد جاء على خلاف هذا.
والاختيار ما ذكرت.
قوله: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا).