نَكُنْ نرميك بِالْجَهْلِ لم تحفر فِي مَسْجِدنَا فَقَالَ عبد الْمطلب: إِنِّي لحافر هَذَا الْبِئْر وَمُجاهد من صدني عَنْهَا
فَطَفِقَ هُوَ وَولده الْحَارِث وَلَيْسَ لَهُ ولد يَوْمئِذٍ غَيره فسفه عَلَيْهِمَا يَوْمئِذٍ نَاس من قُرَيْش فنازعوهما وقاتلوهما وتناهى عَنهُ نَاس من قُرَيْش لما يعلمُونَ من عتق نسبه وَصدقه واجتهاده فِي دينهم
حَتَّى إِذا أمكن الْحفر وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَذَى نذر أَن وَفِي لَهُ عشرَة من الْولدَان ينْحَر أحدهم ثمَّ حفر حَتَّى أدْرك سيوفاً دفنت فِي زَمْزَم حِين دفنت فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْش أَنه قد أدْرك السيوف قَالُوا: يَا عبد الْمطلب أجدنا مِمَّا وجدت
فَقَالَ عبد الْمطلب: هَذِه السيوف لبيت الله
فحفر حَتَّى انبط المَاء فِي التُّرَاب وفجرها حَتَّى لَا تنزف وَبنى عَلَيْهَا حوضاً فَطَفِقَ هُوَ وَابْنه ينزعان فيملآن ذَلِك الْحَوْض فيشربه الْحَاج فيكسره أنَاس حسدة من قُرَيْش فَيُصْلِحهُ عبد الْمطلب حِين يصبح
فَلَمَّا أَكْثرُوا فَسَاده دَعَا عبد الْمطلب ربه فأريَ فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ: قل اللهمَّ لَا أحلهَا المغتسل وَلَكِن هِيَ للشاربين حل وبل ثمَّ كفيتهم
فَقَامَ عبد الْمطلب حِين اخْتلفت قُرَيْش فِي الْمَسْجِد فَنَادَى بِالَّذِي أرى ثمَّ انْصَرف فَلم يكن يفْسد حَوْضه ذَلِك عَلَيْهِ أحد من قُرَيْش إِلَّا رمى فِي جسده بداء حَتَّى تركُوا حَوْضه وسقايته ثمَّ تزوّج عبد الْمطلب النِّسَاء فولد لَهُ عشرَة رَهْط
فَقَالَ: اللهمَّ إِنِّي كنت نذرت لَك نحر أحدهم وَإِنِّي أَقرع بَينهم فأصيب بذلك من شِئْت
فأقرع بَينهم فطارت الْقرعَة على عبد الله وَكَانَ أحب وَلَده إِلَيْهِ فَقَالَ عبد الْمطلب: اللَّهُمَّ هُوَ أحب إِلَيْك أم مائَة من الابل ثمَّ أَقرع بَينه وَبَين الْمِائَة من الإِبل فطارت الْقرعَة على الْمِائَة من الإِبل فنحرها عبد الْمطلب
وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ عبد الْمطلب: إِنِّي لنائم فِي الْحجر إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَالَ: أحفر طيبَة
قلت: وَمَا طيبَة فَذهب عني فَلَمَّا كَانَ من الْغَد رجعت إِلَى مضجعي فَنمت بِهِ فَجَاءَنِي فَقَالَ: احْفِرْ زَمْزَم
فَقلت: وَمَا زَمْزَم قَالَ: لَا تنزف وَلَا تذم تَسْقِي الحجيج الْأَعْظَم عِنْد قَرْيَة النَّمْل
قَالَ: فَلَمَّا أبان لَهُ شَأْنهَا وَدلّ على موضعهَا وَعرف أَن قد صدق غَدا بمعول وَمَعَهُ ابْنه الْحَارِث لَيْسَ لَهُ يَوْمئِذٍ غَيره فحفر فَلَمَّا بدا لعبد الْمطلب الطي كبر فَعرفت قُرَيْش أَنه قد أدْرك حَاجته فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: يَا عبد الْمطلب إِنَّهَا بِئْر إِسْمَعِيل وَإِن لنا فِيهَا حَقًا فأشركنا مَعَك فِيهَا فَقَالَ: مَا أَنا بفاعل إِن هَذَا


الصفحة التالية
Icon