تنظروا فِي رَحْله وَنَذْهَب وَقد طابت نفوسكم فَأدْخل يَده فِي رَحْله فاستخرجها من رَحل أَخِيه
يَقُول الله ﴿كَذَلِك كدنا ليوسف﴾ يَقُول صنعنَا ليوسف ﴿مَا كَانَ ليَأْخُذ أَخَاهُ فِي دين الْملك﴾ يَقُول فِي حكم الْملك ﴿إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾ وَلَكِن صنعنَا لشأنهم قَالُوا فَهَذَا جَزَاؤُهُ
قَالَ: فَلَمَّا استخرجها من رَحل الْغُلَام انْقَطَعت ظُهُورهمْ وهلكوا وَقَالُوا: مَا يزَال لنا مِنْكُم بلَاء يَا بني راحيل حَتَّى أخذت هَذَا الصواع
قَالَ بنيامين: بَنو راحيل لَا يزل لنا مِنْكُم بلَاء ذهبتم بأخي فأهلكتموه فِي الْبَريَّة وَمَا وضع هَذَا الصواع فِي رحلي إِلَّا الَّذِي وضع الدَّرَاهِم فِي رحالكُمْ قَالُوا لَا تذكر الدَّرَاهِم فتؤخذ بهَا فوقعوا فِيهِ وشتموه فَلَمَّا أدخلوهم على يُوسُف دَعَا بالصواع ثمَّ نقر فِيهِ ثمَّ أدناه من أُذُنه ثمَّ قَالَ: إِن صواعي هَذَا يُخْبِرنِي أَنكُمْ كُنْتُم إثني عشر أَخا وأنكم انطلقتم بِأَخ لكم فبعتموه
فَلَمَّا سَمعهَا بنيامين قَامَ فَسجدَ ليوسف وَقَالَ: أَيهَا الْملك سل صواعك هَذَا أحيّ أخي ذَاك أم لَا فنقرها يُوسُف ثمَّ قَالَ: نعم هُوَ حَيّ وسوف ترَاهُ
قَالَ: اصْنَع بِي مَا شِئْت فَإِنَّهُ أعلم بِي
فَدخل يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَبكى ثمَّ تَوَضَّأ ثمَّ خرج
فَقَالَ بنيامين: أَيهَا الْملك إِنِّي أَرَاك تضرب بصواعك الْحق فسله من صَاحبه فَنقرَ فِيهِ ثمَّ قَالَ: إِن صواعي هَذَا غَضْبَان يَقُول: كَيفَ تَسْأَلنِي من صَاحِبي وَقد رَأَيْت مَعَ من كنت وَكَانَ بَنو يَعْقُوب إِذا غضبوا لم يطاقوا فَغَضب روبيل فَقَامَ فَقَالَ: أَيهَا الْملك وَالله لتتركنا أَو لأصِيحَنَّ صَيْحَة لَا تبقى امْرَأَة حَامِل بِمصْر إِلَّا طرحت مَا فِي بَطنهَا وَقَامَت كل شَعْرَة من جَسَد روبيل فَخرجت من ثِيَابه فَقَالَ يُوسُف لِابْنِهِ مرّة: مر إِلَى جنب روبيل فمسه فمسه فَذهب غَضَبه فَقَالَ روبيل: من هَذَا
إِن فِي هَذِه الْبِلَاد لبزراً من بزر يَعْقُوب
قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: وَمن يَعْقُوب فَغَضب روبيل فَقَالَ: أَيهَا الْملك لَا تذكرَنَّ يَعْقُوب فَإِنَّهُ بشرى لله ابْن ذبيح الله ابْن خَلِيل الله فَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: أَنْت إِذا كنت صَادِقا فَإِذا أتيتم أَبَاكُم فاقرؤوا عَلَيْهِ مني السَّلَام وَقُولُوا لَهُ: إِن ملك مصر يَدْعُو لَك أَن لَا تَمُوت حَتَّى ترى ابْنك يُوسُف حَتَّى يعلم أبوكم أَن فِي الأَرْض صديقين مثله
فَلَمَّا أيسوا مِنْهُ وَأخرج لَهُم شَمْعُون وَكَانَ قد ارْتَهَنَهُ خلوا بَينهم نجياً يتناجون بَينهم قَالَ كَبِيرهمْ - وَهُوَ روبيل وَلم يكن بأكبرهم سنا وَلَكِن كَانَ كَبِيرهمْ فِي الْعلم -: ﴿ألم تعلمُوا أَن أَبَاكُم قد أَخذ عَلَيْكُم موثقًا من الله وَمن قبل مَا فرطتم فِي يُوسُف فَلَنْ أَبْرَح الأَرْض حَتَّى يَأْذَن لي أبي أَو يحكم الله لي وَهُوَ خير الْحَاكِمين﴾