يخْتَلف قوم قطّ إِلَّا هَلَكُوا فَابْعَثُوا أحدكُم بورقكم هَذِه إِلَى الْمَدِينَة
فَرَأى شارة أنكرها وَرَأى بنياناً أنكرهُ ثمَّ دنا إِلَى خباز فَرمى إِلَيْهِ بدرهم وَكَانَت دراهمهم كخفاف الرّبع - يَعْنِي ولد النَّاقة - فَأنْكر الخباز الدِّرْهَم فَقَالَ: من أَيْن لَك الدِّرْهَم لقد وجدت كنزاً لتدلّني عَلَيْهِ أَو لأرفعنك إِلَى الْأَمِير
فَقَالَ: أَوَ تخوّفني بالأمير وأتى الدهْقَان الْأَمِير قَالَ: من أَبوك قَالَ: فلَان
فَلم يعرفهُ
قَالَ: فَمن الْملك قَالَ: فلَان
فَلم يعرفهُ فَاجْتمع عَلَيْهِم النَّاس فَرفع إِلَى عالمهم فَسَأَلَهُ فَأخْبرهُ فَقَالَ: عليّ باللوح فجيء بِهِ فَسمى أَصْحَابه فلَانا وَفُلَانًا
وهم مكتوبون فِي اللَّوْح فَقَالَ للنَّاس: إِن الله قد دلكم على إخْوَانكُمْ
وَانْطَلَقُوا وركبوا حَتَّى أَتَوا إِلَى الْكَهْف فَلَمَّا دنوا من الْكَهْف قَالَ الْفَتى: مَكَانكُمْ أَنْتُم حَتَّى أَدخل أَنا على أَصْحَابِي وَلَا تهجموا فيفزعون مِنْكُم وهم لَا يعلمُونَ أَن الله قد أقبل بكم وَتَابَ عَلَيْكُم
فَقَالُوا لتخْرجن علينا فَقَالَ: نعم إِن شَاءَ الله
فَدخل فَلم يدروا أَيْن ذهب وَعمي عَلَيْهِم فطلبوا وحرضوا فَلم يقدروا على الدُّخُول عَلَيْهِم فَقَالُوا ﴿لنتخذن عَلَيْهِم مَسْجِدا﴾ فاتخذوا عَلَيْهِم مَسْجِدا يصلونَ عَلَيْهِم وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب الْكَهْف أَبنَاء مُلُوك رزقهم الله الْإِسْلَام فتعوذوا بدينهم واعتزلوا قَومهمْ حَتَّى انْتَهوا إِلَى الْكَهْف فَضرب الله على صماخاتهم فلبثوا دهراً طَويلا حَتَّى هَلَكت أمتهم وَجَاءَت أمة مسلمة وَكَانَ ملكهم مُسلما وَاخْتلفُوا فِي الرّوح والجسد فَقَالَ قَائِل: يبْعَث الرّوح والجسد جَمِيعًا
وَقَالَ قَائِل: يبْعَث الرّوح وَأما الْجَسَد فتأكله الأَرْض فَلَا يكون شَيْئا فشق على ملكهم إختلافهم فَانْطَلق فَلبس المسوح وَجلسَ على الرماد ثمَّ دَعَا الله فَقَالَ: أَي رب قد ترى إختلاف هَؤُلَاءِ فَابْعَثْ لَهُم آيَة تبين لَهُم فَبعث الله أَصْحَاب الْكَهْف فبعثوا أحدهم ليَشْتَرِي لَهُم طَعَاما فَدخل السُّوق فَلَمَّا نظر جعل يُنكر الْوُجُوه وَيعرف الطّرق وَرَأى الْإِيمَان ظَاهرا بِالْمَدِينَةِ
فَانْطَلق وَهُوَ مستخف حَتَّى أَتَى رجلا يَشْتَرِي مِنْهُ طَعَاما فَلَمَّا نظر الرجل إِلَى الْوَرق أنكرها
حسبت أَنه قَالَ: كَأَنَّهَا أَخْفَاف الرّبيع - يَعْنِي الْإِبِل الصغار - فَقَالَ الْفَتى: أَلَيْسَ ملككم فلَان قَالَ الرجل: بل ملكنا فلَان
فَلم يزل ذَلِك بَينهمَا حَتَّى رَفعه إِلَى الْملك فَنَادَى فِي النَّاس فَجَمعهُمْ فَقَالَ: إِنَّكُم اختلفتم فِي الرّوح والجسد وَإِن الله قد بعث لكم آيَة فَهَذَا رجل من قوم فلَان - يَعْنِي ملكهم الَّذِي


الصفحة التالية
Icon