قبله - فَقَالَ الْفَتى: انْطلق بِي إِلَى أَصْحَابِي
فَركب الْملك وَركب مَعَه النَّاس حَتَّى انْتهى إِلَى الْكَهْف فَقَالَ الْفَتى: دَعونِي أَدخل إِلَى أَصْحَابِي
فَلَمَّا أبصروه وأبصرهم ضرب على آذانهم فَلَمَّا استبطؤوه دخل الْملك وَدخل النَّاس مَعَه فَإِذا أجساد لَا يبْلى مِنْهَا شَيْء غير أَنَّهَا لَا أَرْوَاح فِيهَا
فَقَالَ الْملك: هَذِه آيَة بعثها الله لكم فغزا ابْن عَبَّاس مَعَ حبيب بن مسلمة فَمروا بالكهف فَإِذا فِيهِ عِظَام فَقَالَ رجل: هَذِه عِظَام أهل الْكَهْف
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ذهبت عظامهم أَكثر من ثلثمِائة سنة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب الْكَهْف أَبنَاء عُظَمَاء أهل مدينتهم وَأهل شرفهم خَرجُوا فَاجْتمعُوا وَرَاء الْمَدِينَة على غير ميعاد فَقَالَ رجل مِنْهُم - هُوَ أشبههم -: إِنِّي لأجد فِي نَفسِي شَيْئا مَا أَظن أحدا يجده
قَالُوا: مَا تَجِد قَالَ: أجد فِي نَفسِي أَن رَبِّي رب السَّمَوَات وَالْأَرْض
فَقَامُوا جَمِيعًا فَقَالُوا: ﴿رَبنَا رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض لن ندعوا من دونه إِلَهًا لقد قُلْنَا إِذا شططاً﴾ وَكَانَ مَعَ ذَلِك من حَدِيثهمْ وَأمرهمْ مَا قد ذكر الله فِي الْقُرْآن فَأَجْمعُوا أَن يدخلُوا الْكَهْف وعَلى مدينتهم إِذْ ذَاك جَبَّار يُقَال لَهُ (دقيوس) فلبثوا فِي الْكَهْف مَا شَاءَ الله رقوداً ثمَّ بَعثهمْ الله فبعثوا أحدهم ليبتاع لَهُم طَعَاما فَلَمَّا خرج إِذا هم بحظيرة على بَاب الْكَهْف فَقَالَ: مَا كَانَت هَذِه هَهُنَا عَشِيَّة أمس
فَسمع كلَاما من كَلَام الْمُسلمين بِذكر الله - وَكَانَ النَّاس قد أَسْلمُوا بعدهمْ وَملك عَلَيْهِم رجل صَالح - فَظن أَنه أَخطَأ الطَّرِيق فَجعل ينظر إِلَى مدينته الَّتِي خرج مِنْهَا وَإِلَى مدينتين وجاهها أسماؤهن: اقسوس وايديوس وشاموس
فَيَقُول: مَا أَخْطَأت الطَّرِيق - هَذِه اقسوس وايديوس وشاموس
فَعمد إِلَى مدينته الَّتِي خرج مِنْهَا ثمَّ عمد حَتَّى جَاءَ السُّوق فَوضع ورقة فِي يَد رجل فَنظر فَإِذا ورق لَيست بورق النَّاس فَانْطَلق بِهِ إِلَى الْملك وَهُوَ خَائِف فَسَأَلَهُ وَقَالَ: لَعَلَّ هَذَا من الْفتية الَّذين خَرجُوا على عهد دقيوس فَإِنِّي قد كنت أَدْعُو الله أَن يرينيهم وَأَن يعلمني مكانهم
ودعا مشيخة أهل الْقرْيَة - وَكَانَ رجل مِنْهُم قد كَانَ عِنْده أَسمَاؤُهُم وأنسابهم - فَسَأَلَهُمْ فأخبروه فَسَأَلَ الْفَتى فَقَالَ: صدق
وَانْطَلق الْملك وَأهل الْمَدِينَة مَعَه لِأَن يدلهم على أَصْحَابه حَتَّى إِذا دنوا من الْكَهْف سمع الْفتية حسّ النَّاس فَقَالُوا: أتيتم
ظهر على صَاحبكُم فاعتنق بَعضهم بَعْضًا وَجعل يُوصي بَعضهم بَعْضًا بدينهم فَلَمَّا دنا الْفَتى مِنْهُم أَرْسلُوهُ فَلَمَّا قدم إِلَى أَصْحَابه مَاتُوا عِنْد


الصفحة التالية
Icon