مُحَمَّد قَالُوا: هَذَا مُحَمَّد قريب
فَقَالَ لَهُم صَاحبهمْ: وَالله لقد تركت مُحَمَّدًا دَاخل الْمَدِينَة
فأسقط بِأَيْدِيهِم وَقَالُوا: قد أخبر أَنه انْقَطع مَا بَيْننَا وَبَينه من الْعَهْد
فَانْطَلق مِنْهُم سِتُّونَ حبرًا وَمِنْهُم حييّ بن أَخطب والعاصي بن وَائِل حَتَّى دخلواعلى كَعْب وَقَالُوا: يَا كَعْب أَنْت سيد قَوْمك ومدحهم احكم بَيْننَا وَبَين مُحَمَّد
فَقَالَ لَهُم كَعْب: أخبروني مَا عنْدكُمْ قَالُوا: نعتق الرّقاب ونذبح الكوماء وَإِن مُحَمَّدًا انبتر من الْأَهْل وَالْمَال
فشرفهم كَعْب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانقلبوا فَأنْزل الله ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت﴾ سُورَة النِّسَاء الْآيَة ٥١ إِلَى ﴿فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا﴾ وَنزل عَلَيْهِ لما أَرَادوا أَن يقتلوه ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم﴾ الْآيَة
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يَكْفِينِي كَعْبًا فَقَالَ نَاس من أَصْحَابه فيهم مُحَمَّد بن مسلمة: نَحن نكفيك يَا رَسُول الله ونستحل مِنْك شَيْئا
فجاؤوه فَقَالُوا: يَا كَعْب إِن مُحَمَّدًا كلفنا الصَّدَقَة فبعنا شَيْئا
قَالَ عِكْرِمَة: فَهَذَا الَّذين اسْتَحَلُّوهُ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ لَهُم كَعْب: أرهنوني أَوْلَادكُم
فَقَالُوا: إِن ذَاك عَار فِينَا غَدا تبيح أَن يَقُولُوا عبد وسق ووسقين وَثَلَاثَة
قَالَ كَعْب: فاللامة
قَالَ عِكْرِمَة: وَهِي السِّلَاح
فأصلحوا أَمرهم على ذَلِك فَقَالُوا: موعد مَا بَيْننَا وَبَيْنك الْقَابِلَة
حَتَّى إِذا كَانَت الْقَابِلَة راحوا إِلَيْهِ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمصلى يَدْعُو لَهُم بالظفر فَلَمَّا جاؤوا نادوه يَا كَعْب
وَكَانَ عروساً فأجابهم فَقَالَت امْرَأَته: وَهِي بنت عُمَيْر: أَيْن تنزل قد أَشمّ السَّاعَة ريح الدَّم
فهبط وَعَلِيهِ ملحفة مورسة وَله نَاصِيَة فَلَمَّا نزل إِلَيْهِم قَالَ الْقَوْم: مَا أطيب رِيحك
ففرح بذلك فَقَامَ إِلَيْهِ مُحَمَّد بن مسلمة فَقَالَ قَائِل الْمُسلمين: أشمونا من رِيحه فَوضع يَده على ثوب كَعْب وَقَالَ: شموا فشموا وَهُوَ يظنّ أَنهم يعْجبُونَ بريحه ففرح بذلك
فَقَالَ مُحَمَّد بن مسلمة: بقيت أَنا أَيْضا
فَمضى إِلَيْهِ فَأخذ بناصيته ثمَّ قَالَ: اجلدوا عُنُقه
فجلدوا عُنُقه
ثمَّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدا إِلَى النَّضِير فَقَالُوا: ذرنا نبك سيدنَا
قَالَ: لَا
قَالُوا فحزة على حزة
قَالَ: نعم حزة على حزة
فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك جعلُوا يَأْخُذُونَ من بطُون بُيُوتهم الشَّيْء لينجوا بِهِ والمؤمنون يخربون بُيُوتهم من خَارج ليدخلوا عَلَيْهِم
فلولا أَن كتب الله عَلَيْهِم الْجلاء
قَالَ عِكْرِمَة: والجلاء يجلون مِنْهُم ليقتلهم