٥- الإعجاز اللغوي بين سيد قطب والدكتور دراز:
تناول صديقنا الأستاذ محمد أمين أبو شهبة في أطروحته للماجستير الإعجاز اللغوي وعلى أي وجه أداره الشيخ دراز؛ فقال: "أدار الدكتور دراز أمر الإعجاز اللغوي على فكرة تمثل المحور في دراسته للقضية، وهي فكرة مباينة أسلوب القرآن لسائر الأساليب، هذه الفكرة تسيطر على دراسته لقضية الإعجاز اللغوي ابتداءً من البناء الصوتي وانتهاءً إلى القرآن في جملته؛ فقد وجه الشيخ جهده إلى إبراز الخصائص التي باين بها القرآن بيان البشر، واعتمد في ذلك على النظر في منهج الإنسان في البيان، وطريقه في الإبانة عن معانيه. وكان طريقه إلى ذلك الإلمام بأساليب العرب، وتراثهم الأدبي، ثم الخبرة الطويلة بدراسات النفس الإنسانية، والتي مكنته من معرفة حدود النفس التي تتوقف عندها، والعيوب التي لا تقدر على تفاديها في بيانها بحكم إنسانيتها، ثم يخرج من ذلك إلى النظر في البيان القرآني، بعد أن أبرز من جوانب النقص في البيان الإنساني، ما يبرز جوانب الكمال في البيان القرآني"١.
ولكن الدكتور دراز لم يكتف بالقول بخلو القرآن من عيوب البيان البشري؛ لأنه لم يسلم به، ولكنه وضع يده على المزايا القرآنية فشرحها، ثم قدم لأكثرها من التطبيقات القرآنية، ما يبرزها ويفتح الطريق إلى بحثها ودراستها.
وهذه الخصائص البيانية لجانبي البناء البياني للقرآن.. تمثل -عند الشيخ- دعائم بنية القرآن الداخلية، الدالة على أنه من أصل إلهي. والوصول إلى خصائص عامة لبيان القرآن- أمر شاق وعسير؛ لأنه يتطلب فوق التذوق والتفكر دراسة ووعيًا لمنهج الإبانة الإنسانية، وخصائصه، ثم الانطلاق من ذلك إلى ساحة القرآن كله ليرى: أتلك خصيصة عامة، أم هي جزئية، نابعة من سياقها فحسب؟

١ انظر رسالته للماجستير "محمد عبد الله دراز وجهوده البلاغية" ص٩٤، مودعة بمكتبة كلية اللغة العربية بإيتاي البارود - جامعة الأزهر الشريف.


الصفحة التالية
Icon