وقد ذكر المرحوم الشيخ سيد قطب١ أن جهد سلفنا قد توقف عند خصائص النصوص مفردة، وإدراك مواضع الجمال المتفرقة، وتعليل كل موضع منها تعليلًا منفردًا:
"أما مرحلة الخصائص العامة فلم يصلوا إليها أبدًا لا في الأدب، ولا في القرآن، وبذلك بقيت أهم مزايا القرآن مغفلة وخافية، وأصبح لا بد لدراسة التعبير في هذا الكتاب المعجز من منهج للدراسة جديد، ومن بحث عن الأصول العامة للجمال الفني، وتفسير الإعجاز الفني تفسيرًا يستمد من تلك السمات المتفردة في القرآن٢.
ويبدو أن الأستاذ سيد قطب -رحمه الله- لم يقرأ كتاب الدكتور دراز، ولم يقف على جهده القيم في البحث في بعض الخصائص البيانية للقرآن، ولا يمكن أن يقرأ هذا الجهد دون إشارة، ويؤكد ذلك أن كتاب الدكتور دراز "النبأ العظيم" وإن ألف قبل "التصوير الفني" إلا أنه نشر بعده؛ إذ شغل الشيخ دراز في فرنسا بتحضيره لدرجة "الدكتوراه" ثم شغل بعد عودته بالأعمال التي نيطت به٣.
فقد بدأ الدكتور دراز في كتابه "النبأ العظيم" منذ عام ١٩٣٥م تقريبًا ثم سافر إلى فرنسا عام ١٩٣٦م، وعاد إلى مصر عام ١٩٤٧م، فظل مشغولًا بأعماله التي نيطت به على عجل، حتى نشر كتابه الفذ في مارس ١٩٥٧م كما ذكر هو في مقدمته، بينما نشر الأستاذ سيد قطب هذا البحث في مجلة المقتطف عام ١٩٣٩م، ثم أكمله وأضاف إليه بعد سنوات قليلة، كما ذكر هو في مقدمة "التصوير الفني" ص٩، وعلى الرغم من تأخر كتاب الدكتور دراز في النشر، فإنه ليس في كلامه ما
٢ التصوير الفني في القرآن: سيد قطب، ط دار المعارف، الطبعة العاشرة، ص٣٢.
٣ محمد أمين أبو شهبة، د. محمد عبد الله دراز وجهوده البلاغية ص٩٩.