قوله: ﴿ فَٱصْبِرْ ﴾ يا محمد على الأذى والتكذيب يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبر ﴿ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ ﴾ يعني أولو الصبر ﴿ مِنَ ٱلرُّسُلِ ﴾ يعني إبراهيم، وأيوب، وإسحاق، ويعقوب، ونوح، عليهم السلام. نزلت هذه الآية يوم أحد فأمره أن يصبر على ما أصابهم و لايدعو على قومه مثل قوله:﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ﴾[طه: ١١٥]، ثم ذكر له صبر الأنبياء وأولى العزم من قبله من الرسل على البلاء منهم إبراهيم، خليل الرحمن عليه السلام، حين ألقي في النار، ونوح عليه السلام، على تكذيب قومه وكان يضرب حتى يغشى عليه، فإذا أفاق، قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون شيئاً، وإسحاق في أمر الذبح، ويعقوب في ذهاب بصره من حزنه على يوسف حين أَلقي في الجب والسجن، وأيوب عليه السلام، في صبره على البلاء. ويونس بن متى عليه السلام، في بطن الحوت، وغيرهم صبروا على البلاء، ومنهم اثنا عشر نبياً ببيت المقدس، فأوحى الله تعالى إليهم أنى منتقم من بني إسرائيل بما صنعونا بيحيى بن زكريا فإن شئتم أن تختاروا أن أنزل بكم النقمة وأنجي بقية بني إسرائيل وإن كرهتم أنزلت النقمة والعقوبة بهم وأنجيتكم فاستقام رأيهم على أن ينزل بهم العقوبة، وهو اثنا عشر وينجي قومه فدعوا ربهم أن ينزل بهم العقوبة وينجي بني إسرائيل فلسط عليهم ملوك أهل الأرض فأهلكوهم فمنهم من نشر بالمنشار، ومنهم من سلخ رأسه ووجهه، ومنهم من رفع على خشب، ومنهم من أحرق بالنار، ومنهم من شدخ رأسه وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصبر كما صبر هؤلاء فإنه قد نزل بهم ما لم ينزل بك. ثم قال: ﴿ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ﴾ وذلك أن كفار مكة، حين أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعذاب سألوه متى هذا الوعد الذي تعدنا يقول الله تعالى، لنبيه صلى الله عليه وسلم: ولا تستعجل لهم بالعذاب ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ ﴾ في الدينا ولم يروها ﴿ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ﴾ يوم واحد من أيام الدنيا ﴿ بَلاَغٌ ﴾ يعني تبليغ فيها يقول هذا الإمر بلاغ لهم فيها ﴿ فَهَلْ يُهْلَكُ ﴾ يالعذاب ﴿ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ ﴾ [آية: ٣٥] يعني العاصون لله، عز وجل، فيما أمرهم من أمره ونهيه ويقال: هذا الأمر هو بلاغ لهم بل ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم، يعني وجيع لقولهم لهود:﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ ﴾[الأعراف: ٧٠].
قوله:﴿ ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ ﴾[الشعراء: ٢١٨-٢١٩]، يعني صلاتك مع المصلين في جماعة، الذي استخرجك من أصلاب الرجال وأرحام النساء وأخرجك من صلب عبدالله طيباً.