﴿ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ يعني الطمأنينة ﴿ لِيَزْدَادُوۤاْ ﴾ يعني لكي يزدادوا ﴿ إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ يعني تصديقاً مع تصديقهم الذي أمرهم الله به في كتابه فيقروا أن يكتبوا باسمك اللهم، ويقروا بأن يكتبوا هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله، وذلك" أنه لم نزل النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية بعثت قريش منهم سهيل بن عمرو القرشي، وحويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص بن الأحنف على أن يعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع من عامه ذلك، على أن تخلي قريش له مكة من العام المقبل ثلاثة أيام، ففعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وكتبوا بينهم وبينه كتاباً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، لعلي بن أبي طالب، عليه السلام: " اكتب بيننا كتاباً: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم "، فقال سهيل بن عمرو وأصحابه: ما نعرف هذا، ولكن اكتب ما نعرف باسمك اللهم. فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ألا يقروا بذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي، عليه السلام: " اكتب ما يقولون "، فكتب باسمك اللهم. ثم قال: " اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة "، فقال سهيل بن عمرو وأصحابه: لقد ظلمناك إن علمنا أنك رسول الله، ونمنعك ونردك عن بيته، ولا نكتب هذا، ولكن اكتب الذى نعرف: هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله أهل مكة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا علي، اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله، وأنا أشهد أني رسول الله، وأنا محمد بن عبدالله "، فهم المسلمون ألا يقروا أن يكتبوا هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله، فأنزل الله السكينة، يعني الطمأنية عليهم. فذلك قوله: ﴿ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾، أن يقروا لقريش حتى يكتبوا باسمك اللهم، إلى آخر القصة، وأنزل في قول أهل مكة لا نعرف أنك رسول الله ولو علمنا ذلك لقد ظلمناك حين نمنعك عن بيته﴿ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً ﴾[الفتح: ٢٨] أن محمداً رسول الله، فلا شاهد أفضل منه.﴿ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ﴾ [آية: ٤] عليماً بخلقه، حكيماً في أمره.