قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ﴾ يعني اليهود كان بينهم وبين محمد صلى الله عليه وسلم موادعة، فإذا رأوا رجلاً من المسلمين وحده يتناجون بينهم، فيظن المسلم أنهم يتناجون بقتله، أو بما يكره، فيترك الطريق من المخافة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فنهاهم عن النجوى، فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى، فقال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا ﴾ للذى ﴿ نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ ﴾ يعني بالمعصية ﴿ وَٱلْعُدْوَانِ ﴾ يعني الظلم ﴿ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ ﴾ يعني حين نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى فعصوه. ثم أخبر عنهم، فقال: ﴿ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ ﴾ يعني كعب بن الأشرف، وحييي بن أخطب، وكعب بن أسيد، وأبو ياسر، وغيرهم ﴿ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ ﴾ يعني اليهود، قالوا: انطلقوا بنا إلى محمد، فنشتمه علانية كما نشتمه في السر، فقالوا: السام، يعنون بالسم السآمة والفترة، ويقولون: تسأمون يعني تتركون دينكم، فقالت عائشة، رضي الله عنها: عليكم السام، والذام، والفان، يا إخوان القردة والخنازير، فكره النبي صلى الله عليه وسلم قول عائشة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" مهلا يا عائشة، عليك بالرفق، فإنه ما وضع في شىء إلا زانه، ولا نزع من شىء إلا شانه "، فقال جبريل، عليه السلام: إنه لا يسلمون عليك ولكنهم يشتمونك، فما خرجت اليهود من عند النبي صلى الله عليه وسلم، قال بعضهم لبعض: إن كان محمد لا يعلم ما نقول له، فالله يعلمه، ولو كان نبياً لأعلمه الله ما نقول، فذلك قوله: ﴿ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ ﴾ لنبيه وأصحابه يقول الله ﴿ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ ﴾ عذابها ﴿ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ﴾ [آية: ٨] يعني بئس المرجع إلى النار.


الصفحة التالية
Icon