وذلك أنهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: احملنا، فإنا لا نجد ما نخرج عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا ﴾، انصرفوا من عنده وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون، ثم عاب أهل السعة، فقال: ﴿ إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ ﴾، يعني مع النساء بالمدينة، وهم المنافقون.
﴿ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ ﴾، يعني وختم على قلوبهم بالكفر، يعني المنافقين.
﴿ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٩٣].
ثم أخبر عنهم، فقال: ﴿ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ ﴾ من غزاتكم، يعني عبد الله بن أبى.
﴿ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ ﴾، يعني لن نصدقكم بما تعتذرون.
﴿ قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ ﴾، يقول: قد أخبرنا الله عنكم وعن ما قلتم حين قال لنا:﴿ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ﴾، يعني إلا عياً،﴿ ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ ﴾[التوبة: ٤٧]، فهذا الذي نبأنا الله من أخباركم، ثم قال: ﴿ وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ﴾ فيما تستأذنون.
﴿ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ﴾، يعني شهادة كل نجوى.
﴿ فَيُنَبِّئُكُم ﴾ في الآخرة.
﴿ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ٩٤] في الدنيا.﴿ سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ ﴾، يعني إذا رجعتم ﴿ إِلَيْهِمْ ﴾ إلى المدينة.
﴿ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ ﴾ في التخلف.
﴿ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ [آية: ٩٥]، فحلف منهم بضع وثمانون رجلاً، منهم: جد بن قيس، ومعتب بن قشير، وأبو لبابة، وأصحابه.﴿ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ ﴾، وذلك أن عبد الله بن أبي حلف للنبي صلى الله عليه وسلم بالله الذي لا إله إلا هو، لا نتخلف عنك، ولنكونن معك على عدوك، وطلب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن يرضى عنه وأصحابه، يقول الله: ﴿ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ ﴾، يعني عن المنافقين المتخلفين.
﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَرْضَىٰ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ ﴾ [آية: ٩٦]، يعني العاصين.


الصفحة التالية
Icon