﴿ قَالَ ﴾ إبراهيم.
﴿ فَمَا خَطْبُكُمْ ﴾، يعني فما أمركم.
﴿ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾ [آية: ٥٧].
﴿ قَالُواْ ﴾، أي قال جبريل، عليه السلام: ﴿ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ ﴾ بالعذاب ﴿ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ﴾ [آية: ٥٨].
﴿ إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [آية: ٥٩].
ثم استثنى جبريل، عليه السلام، امرأة لوط، فقال: ﴿ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ ﴾ [آية: ٦٠]، يعني الباقين في العذاب، فخرجوا من عند إبراهيم، عليه السلام، بالأرض المقدسة، فأتوا لوطاً بأرض سدوم من ساعتهم، فلم يعرفهم لوط، عليه السلام، وظن أنهم رجال. فذلك قوله سبحانه: ﴿ فَلَمَّا جَآءَ آلَ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾ [آية: ٦١]، فيها تقديم، يقول: جاء المرسلون إلى لوط.﴿ قَالَ ﴾ لهم لوط: ﴿ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ ﴾ [آية: ٦٢] أنكرهم، ولم يعلم أنهم ملائكة؛ لأنهم كانوا في صورة الرجال.﴿ قَالُواْ بَلْ ﴾، قال جبريل، عليه السلام: قد ﴿ جِئْنَاكَ ﴾ يا لوط ﴿ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴾ [آية: ٦٣]، يعني بما كان قومك بالعذاب يمترون، يعني يشكون في العذاب أنه ليس بنازل بهم في الدنيا.﴿ وَآتَيْنَاكَ بِٱلْحَقِّ ﴾، جئناك بالصدق.
﴿ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ [آية: ٦٤] بما تقول إنا جئناهم بالعذاب. فقالوا للوط: ﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ﴾، يعني امرأته وابنته ريثا وزعوثا.
﴿ بِقِطْعٍ ﴾، يعني ببعض، وهو السحر.
﴿ مِّنَ ٱللَّيْلِ وَٱتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ ﴾، يعني سر من وراء أهلك تسوقهم.
﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ ﴾ البتة، يقول: ولا ينظر أحد منكم وراءه.
﴿ وَٱمْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴾ [آية: ٦٥] إلى الشام.﴿ وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ﴾، يقول: وعهدنا إلى لوط.
﴿ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ ﴾، يعني أمر العذاب.
﴿ أَنَّ دَابِرَ ﴾، يعني أصل ﴿ هَؤُلآءِ ﴾ القوم ﴿ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ ﴾ [آية: ٦٦]، يقول إذ أصبحوا نزل بهم العذاب.﴿ وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [آية: ٦٧] بدخول الرجال منزل لوط. ثم ﴿ قَالَ ﴾ لهم لوط: ﴿ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ ﴾ [آية: ٦٨] فيهم، ولوط، عليه السلام، يرى أنهم رجال.﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ ﴾ [آية: ٦٩] فيهم.﴿ قَالُواْ أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [آية: ٧٠]، أن تضيف منهم أحداً؛ لأن لوطاً كان يحذرهم لئلا يؤتون في أدبارهم، فعرض عليهم ابنتيه من الحياء تزويجاً، واسم إحداهما ريثا، والأخرى زعوثا.﴿ قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ [آية: ٧١] لا بد فتزوجوهن. يقول الله عز وجل: ﴿ لَعَمْرُكَ ﴾، كلمة من كلام العرب.
﴿ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [آية: ٧٢]، يعني لفي ضلالتهم يترددون.﴿ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ ﴾، يعني صيحة جبريل، عليه السلام.
﴿ مُشْرِقِينَ ﴾ [آية: ٧٣] يعني حين طلعت الشمس.﴿ فَجَعَلْنَا ﴾ المدائن الأربع ﴿ عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ سدوم، ودامورا، وعامورا وصابورا، وأمطرنا على من كان خارجاً من المدينة.
﴿ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ ﴾ [آية: ٧٤]، ولعل الرجل منهم يكون في قرية أخرى، فيأتيه الحجر فيقتله.
﴿ مِّن سِجِّيلٍ ﴾، يعني الحجارة خلطها الطين.﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ ﴾، يقول: إن هلاك قوم لوط لعبرة.
﴿ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ﴾ [آية: ٧٥]، يقول: للناظرين من بعدهم، فيحذرون مثل عقوبتهم.﴿ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ ﴾ [آية: ٧٦]، يعني قرى لوط التى أهلكت بطريق مستقيم، يعني واضح مقيم يمر عليها أهل مكة وغيرهم، وهي بين مكة والشام.﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ﴾، يعني إن في هلاك قوم لوط لعبرة.
﴿ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آية: ٧٧]، يعني للمصدقين بتوحيد الله عز وجل لمن بعدهم، فيحذرون عقوبتهم، يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية.


الصفحة التالية
Icon