﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ ﴾ محمد صلى الله عليه وسلم، ألا يأكل من الشجرة ﴿ فَنَسِيَ ﴾ يقول: فترك آدم العهد، كقوله:﴿ ... وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ ﴾[طه: ٨٨] يقول: ترك، وكقوله سبحانه:﴿ ... إِنَّا نَسِينَاكُمْ... ﴾[السجدة: ١٤] يقول: تركناكم، وكقوله:﴿ فَنَسُواْ حَظّاً... ﴾[المائدة: ١٤] يعنى تركوا، فلما نسى العهد سمى الإنسان، فأكل منها ﴿ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ﴾ [آية: ١١٥] يعنى صبراً عن أكلها.﴿ وَإِذْ قُلْنَا ﴾ يعنى وقد قلنا ﴿ لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ ﴾ إذ نفخ فيه الروح ﴿ فَسَجَدُوۤاْ ﴾ ثم استثنى فقال: ﴿ إِلاَّ إِبْلِيسَ ﴾ لم يسجد فـ ﴿ أَبَىٰ ﴾ [آية: ١١٦] أن يسجد.﴿ فَقُلْنَا يٰآدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ ﴾ حواء ﴿ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ﴾ [آية: ١١٧] بالعمل بيديك، وكان يأكل من الجنة رغداً من غير أن يعمل بيده، فلما أصاب الخطيئة أكل من عمل يده، فكان يعمل ويأكل ﴿ إِنَّ لَكَ ﴾ يا آدم ﴿ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ ﴾ [آية: ١١٨].
﴿ وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا ﴾ يعنى لا تعطش فى الجنة ﴿ وَلاَ تَضْحَىٰ ﴾ [آية: ١١٩] يقول: لا يصيبك حر الشمس، فيؤذيك فتفرق.﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ ﴾ يعنى إبليس وحده فـ ﴿ قَالَ يٰآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ ﴾ يقول: ألا أدلك ﴿ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ ﴾ من أكل منها خلد فى الجنة فلا يموت ﴿ وَ ﴾ على ﴿ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ ﴾ [آية: ١٢٠] يقول: لا يفنى.﴿ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا ﴾ يقول: ظهرت لهما عوراتهما ﴿ وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا ﴾ يقول: وجعلا يخصفان، يقول: يلزقان الورق بعضه على بعض ﴿ مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ ﴾ ورق التين ليستتروا به فى الجنة ﴿ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ﴾ [آية: ١٢١] يعنى فضل وتولى عن طاعة ربه، عز وجل.﴿ ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ ﴾ يعنى استخلصه ربه عز وجل ﴿ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾ من ذنبه ﴿ وَهَدَىٰ ﴾ [آية: ١٢٢] يعنى وهداه للتوبة.﴿ قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً ﴾ يعنى آدم وإبليس ﴿ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴾ يقول: إبليس وذريته عدو لآدم وذريته ﴿ فَإِمَّا ﴾ يعنى فإن ﴿ يَأْتِيَنَّكُم ﴾ يعنى ذرية آدم ﴿ مِّنِّي هُدًى ﴾ يعنى رسلاً معهم كتب فيها البيان ﴿ فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ ﴾ يعنى رسلى وكتابى ﴿ فَلاَ يَضِلُّ ﴾ فى الدنيا ﴿ وَلاَ يَشْقَىٰ ﴾ [آية: ١٢٣] فى الآخرة.﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي ﴾ يعنى عن إيمان بالقرآن نزلت فى الأسود بن عبد الأسود المخزومى، قتله حمزة بن عبد المطلب يوم بدر على الحوض ﴿ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ يعنى معيشة سوء لأنها فى معاصى الله عز وجل الضنك والضيق ﴿ وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ ﴾ [آية: ١٢٤] عن حجته.﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ ﴾ عن حجتى ﴿ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً ﴾ [آية: ١٢٥] فى النيا عليماً بها، وهذا مثل قوله سبحانه:﴿ هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾[الحاقة: ٢٩] يعنى ضلت عنى حجتى، وهذا قوله حين شهدت عليه الجوارح بالشرك والكفر.﴿ قَالَ ﴾ الله تعالى: ﴿ كَذٰلِكَ ﴾ يعنى هكذا ﴿ أَتَتْكَ آيَاتُنَا ﴾ يعنى آيات القرآن ﴿ فَنَسِيتَهَا ﴾ يعنى فتركت إيماناً بآيات القرآن ﴿ وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ ﴾ [آية: ١٢٦] فى الآخرة تترك فى النار، ولا تخرج منها، ولا نذكرك.﴿ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ ﴾ يعنى وهكذا نجزى من أشرك فى الدنيا بالنار فى الآخرة ﴿ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ﴾ يقول: ولم يؤمن بالقرآن ﴿ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ ﴾ مما أصابه فى الدنيا من القتل ببدر ﴿ وَأَبْقَىٰ ﴾ [آية: ١٢٧] يعنى وأدوم من عذاب الدنيا، ثم خوف كفار مكة.