قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ ﴾؛ أي من ألوان الثمرِ كُلِّه.
﴿ فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً ﴾؛ أي طُرُقَ ربكِ لطلب الرَّعي، وقوله تعالى ﴿ ذُلُلاً ﴾ يجوز أن يكون من نَعْتِ السُّبُلِ؛ أي لا يتوعَّرُ عليها مكان سلكَتْهُ، وهي ترعَى الأماكنَ البعيدة ذات العاصِ، قد ذلَّلَ اللهُ لها مسالِكَها أي سهَّلها. وقال ابنُ عباس: (ذُلُلاً نَعْتُ النَّحْلِ؛ أيْ مُطِيعَةً بالتَّسْخِيرِ وَإخْرَاجِ الْعَسَلِ مِنْ بُطُونِهَا). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ ﴾؛ يعني العسَلَ يلقيهِ النحلُ أبيضَ وأصفرَ وأحمر، يقالُ: إنه يَخرجُ من شبابها الأبيضُ، ومِن كهولِها الأصفرُ، ومن شُيوخها الأحمرُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ ﴾؛ أي في ذلكَ الشراب شفاءٌ للأوجاعِ التي شفاؤُها فيه، كذا قال السديُّ. وليس إذا كان في الناسِ من يضرهُ العسل لمعنى في نفسهِ ما يوجبُ أن يخرجَ العسلُ من كونهِ شفاءٌ للناس، فإنَّ اللهَ جعلَ الماءَ حياةً لكلِّ شيء، وربَّما يكون الماءُ سَبباً للهلاكِ، لكن الاعتبارَ للأعمِّ، وقال قتادةُ: (فِيْهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ مِنَ الأَدْوَاءِ)، وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ ".
﴿ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon