قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ ﴾؛ أي فرَجَعُوا إلى أنفسهم بالْمَلاَمَةِ.
﴿ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ ﴾؛ في سؤالهِ؛ لأنَّها لو كانت آلِهةً لَم يَصِلْ إلى كسرِها أحدٌ؛ ﴿ ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ ﴾؛ أي أدركَتْهُم حيرةٌ فَنَكَّسُوا لأجلِها رؤوسَهُم، وأقرُّوا بما هو حُجَّةٌ عليهم، فقالوا: ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ ﴾؛ يا إبراهيم.
﴿ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ ﴾؛ فكسَرْتُهم لذلكَ. وَقِيْلَ: معنى الآيةِ: تذكَّروا بقلوبهم، ورجَعُوا إلى عقولِهم، فقالوا: ما نراهُ إلاّ كما قالَ إنَّكُمْ أنْتُمُ الظَّالِمُونَ بعبادتِكم آلِهَةً لا تنطقُ ولا تبطشُ، ثُم أدركَتْهم الشقاوةُ، فعادوا إلى قولِهم الأوَّل وضلالِهم القديم، وهو قوله ﴿ ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ ﴾ أي رُدُّوا إلى الكفرِ بعد أن أقَرُّوا على أنفسِهم بالظُّلم، فقالوا لإبراهيم: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤلاَء يَنْطِقُونَ فلذلِكَ كسرتَهم. فلما اتَّجهت الْحُجَّةُ عليهم بإقرارهم، وبَّخَهُمْ إبراهيمُ و ﴿ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً ﴾؛ ولا يرزقُكم ﴿ وَلاَ يَضُرُّكُمْ ﴾؛ إذا لَم تعبدوهُ.
﴿ أُفٍّ لَّكُمْ ﴾؛ أي تَبّاً لكم.
﴿ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾؛ أنَّ هذه الأصنامَ لا تستحقُّ العبادةَ، إذ هي أحجارٌ لا حركةَ لَها ولا بيانَ، أفليس لكم ذهنُ الإنسانيَّةِ.


الصفحة التالية
Icon