قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾؛ أي لكم في بَهيمة الأنعامِ المنافعُ تركَبُوها، وتَشرَبُونَ ألبانَها قبلَ أن تشعروها وتسمُّوها هَدْياً إلى أن تقادُوها، وسموها هدياً، وأما إذا قلدوها وسَمَّوها هَدْياً انقطعت هذه المنافعُ فلا يجوزُ له حينئذٍ شُرْبُ ألبانِها ولا خَزُّ أصوافِها ولا بيعُ أولادِها. وأما ركوبُها عند الشافعيِّ يجوزُ إذا لَم يُضِرَّ بها، وعندنا لا يجوزُ إلاّ اذا اضطرَّ إليه. وعن أبي هريرةَ" عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه رَأى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ لَهُ: " وَيْحَكَ! ارْكَبْهَا " فَقَالَ لَهُ: إنَّهَا بَدَنَةٌ، فَقَالَ: " وَيْحَكَ! ارْكَبْهَا " "، وهذا عندنا محمولٌ على أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إنَّما أباحه لضرورة علمه مِن الرجُل فأَذِنَ له في ذلكَ إن لم يجد ظهراً غيرها، يدلُّ على ذلك أنه لا يجوزُ له أنْ يوجِّهَها للركوب. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ ﴾؛ يعني أنَّ نحرها إلى الْحَرَمِ، وعبَّر عن الحرمِ بالبيت؛ لأن حرمةَ الحرمِ متعلقةٌ بالبيت، كما قالَ تَعَالَى﴿ هَدْياً بَالِغَ ٱلْكَعْبَةِ ﴾[المائدة: ٩٥]، ومن المعلومِ أنَّهُ لا يُذْبَحُ عند البيتِ.