قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ ٱلَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ أي قل يا مُحَمَّدُ: ﴿ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم ﴾ أي دَنَا لكم ورَكِبَكُم بعضُ ما تستعجلونَ به من العذاب، لا يجوزُ أن تكونَ (عَسَى) في هذا الموضعِ بمعنى الشَّكِّ، إنَّما هو بمعنى الإيجاب على وجه التَّخويفِ، قال ابنُ عبَّاس: (رَدِفَ لَكُمْ؛ أيْ قَرُبَ لَكُمْ) وَقِيْلَ: حَضُرَ لَكُمْ. والمعنى: أنَّ الله تعالى أمَرَ نَبيَّهُ صلى الله عليه وسلم أن يقولَ للذين يَسْتَعْجِلُونَ بالعذاب: قد دَنَا لكم بعضُ ما تستعجِلُون، فكان بعضُ الذي دَنَا لهم القتلُ ببَدْرٍ، والقَحْطُ الذي سُلِّطَ عليهم عُقَيْبَ هذه الآيةِ حتى أكَلُوا الْجِيَفَ، والمعنى في ﴿ رَدِفَ لَكُم ﴾ أي رَدِفَكُمْ، فأدخلَ اللاَّمَ فيه كما أدخَلَها في قولهِ تعالى:﴿ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾[الأعراف: ١٥٤] و﴿ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ ﴾[يوسف: ٤٣]، قال الفرَّاء: (اللاَّمُ صِلَةٌ زَائِدَةٌ، كَمَا يَقُولُونَ نَقَدْتُهُ ونَقَدْتُ لَهُ).