قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ ﴾؛ معناهُ: إنَّ سماءَنا محيطةٌ بهم والأرضَ حاملةٌ لَهم.
﴿ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ﴾؛ هذهِ.
﴿ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ ﴾ تلكَ.
﴿ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ﴾ فما يحذرُونَ هذا فيرتَدِعونَ عنِ التكذيب بآياتِنا. والمعنى: أنَّ الإنسانَ حيث ما نظرَ رأى السماءَ فوقَهُ، والأرضَ قُدَّامَهَُ وخلفَهُ وعن يَمينهِ وعن شِمالهِ، فكأنهُ تعالَى قال: إنَّ أرضِي وسَمائِي محيطةٌ بهم، وأنا القادرُ عليهم، إنْ شِئْتُ خسفْتُ بهم، وإنْ شئتُ أُسقِطْ عليهم قطعةً من السماءِ. قرأ حمزةُ والكسائي وخلَف: (إنْ يَشَأْ) و(يَخْسِفْ) و(يُسْقِطْ) في ثلاثَتها بالياءِ لذكرِ الله تعالى قبلَهُ، وقَوْلُهُ تَعَالَى (أفْتَرَى) ألفُ استفهامٍ دخلَتْ على ألفِ الوَصلِ فلذلك سَقطَتْ. وقَوْلُهُ: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ﴾؛ أي إنِّ فيما ذُكِرَ من مَنيعهِ وقدرتهِ وفيما تَرونَ من السَّماء والأرضِ لعلامةٌ تدلُّ على قُدرةِ اللهِ تعالى على البعثِ، وعلى مَن يشاءُ من الخسفِ بهم، لكلِّ عبدٍ أنابَ إلى الله ورجعَ إلى طاعتهِ وتأمَّلَ ما خلقَ. قال الحسنُ: (الْمُنِيْبُ: الرَّاجِعُ إلَى اللهِ تَعَالَى بقَلْبهِ وَقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ، فَإذا نَوَى نَوَى للهِ، وَإذا قَالَ قَالَ للهِ، وَإذا عَمِلَ عَمِلَ للهِ).