وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ﴾؛ أي ولَم يُصِبْنِي رَجُلٌ بالنِّكاحِ ولا بالسِّفاحِ، وكان هذا القولُ منها على جهةِ الاستعظامِ لقدرَة الله تعَالى، لاَ على وجهِ الاستبعاد كما تقدَّم ذكرُه. قالَ اللهُ تعالى: ﴿ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾؛ أي يكونُ لكِ ولدٌ من غيرِ بَشَرٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾؛ أي إذا أرادَ أن يخلُقَ ما يشاءُ وحَكَمَ بتكوينِ شيءٍ فإنَّما يقولُ لهُ كُنْ فَيَكُونُ كما أرادَهُ اللهُ تعالى. وهذا إخبارٌ عن سرعة كون مُرَادِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنه لا يكونُ في وَهْمِ العبادِ شيء أسرعُ مِن كُنْ، وإنَّما ذكرَهُ بلفظِ الأمر لأنهُ أدَلُّ على القدرةِ، ونصبَ بعضُ القُرَّاءِ فَيَكُونُ على جواب الأمرِ بالألف، ورفعَهُ الباقون على إضمار هو يَكُونُ.


الصفحة التالية
Icon