قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ﴾؛ أي ما كَذبَ فؤادُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فيما رآهُ ببَصَرِهِ من صورةِ جبريل عليه السلام، ومن عجائب السَّماوات؛ يَكُ قَبلَ القَلْب ذلك، وأيقنَ أنَّ ما رآهُ حقٌّ، كما هو لم يشُكَّ فيه ولا أنكرَهُ ولم يعتقِدْ عن تَخَيُّلٍ ولا أخبَرَ عن توهُّم. وقرأ الحسنُ وأبو جعفر وقتادة وابن عامر: (مَا كَذَّبَ الْفُؤَادُ) بالتشديد؛ أي ما كذَّبَ قلبُ مُحَمَّدٍ ما رأى بعَينهِ تلك الليلةَ، بل صدَّقَهُ وحقَّقه. وَقِيْلَ: هذا إخبارٌ عن رؤيةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ليلةَ المعراجِ رَبَّهُ! قال ابنُ عبَّاس: (رَأى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ بفُؤَادِهِ وَلَمْ يَرَهُ بعَيْنِهِ، وَيَكُونُ ذلِكَ عَلَى أنَّ اللهَ جَعَلَ بَصَرَهُ فِي فُؤَادِهِ أوْ خَلَقَ لِفُؤَادِهِ بَصَراً حَتَّى رَأى رَبَّهُ رُؤْيَةً غَيْرَ كَاذِبَةٍ كَمَا يُرَى بالْعَيْنِ). وقال عكرمةُ: (إنَّهُ رَأَى رَبَّهُ بعَيْنِهِ!) وكان يحلفُ باللهِ لقد رأى مُحَمَّد ربَّهُ. ومذهبُ ابنِ مسعود وعائشة في هذه الآية: (أنَّهُ رَأى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا). وَالْفُؤَادُ دعاء القلب، فما ارتيابُ الفؤادِ فيما رأى الأصلُ وهو القلبُ.