قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ﴾؛ قرأ قتادةُ ومحمَّد وابنُ سيرين ونافع وحمزة والأعمشُ وأيوب (عَالِيْهُمْ) بإسكانِ الياء، وهي في موضعِ رفعٍ بالابتداء، والمعنى: الذي يَعلُوهم من الثياب، ويقالُ: الذي يعلُوهم على حِجَالِهم، وقرأ الباقون (عَالِيَهُمْ) بنصب الياء على الظَّرف؛ أي فوقَهم، ويجوزُ أنْ يكون نَصباً على الحالِ؛ أي يطوفُ على الأبرار ولدَانٌ مخلَّدون في هذه الحالةِ؛ أي في حالِ علُوِّ ثياب السُّندسِ عليهم. وقولهُ تعالى ﴿ خُضْرٌ ﴾ قرأ ابنُ كثير (خُضْرٍ) بالخفضِ على نعتِ السُّندس و(إسْتَبْرَقٌ) بالرَّفع على نعتِ الثياب، وقرأ أبو عمرٍو وابنُ عامرٍ (خُضْرٌ) بالرفعِ على نعت الثياب، و(إستَبْرَقٍ) بالخفض على معنى ثيابٍ من سندسٍ ومن استبرقٍ. وقرأ نافعُ وأيوب (خُضْرٌ وَإسْتَبْرَقٌ) كلاهما بالرَّفع عَطفاً للإستبرقِ على قوله (خُضْرٌ)، وقرأ الأعمشُ وحمزة والكسائي وخلَف كلاهما بالخفضِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ ﴾؛ أي حُلِيُّ أهلِ الجنَّة أساورُ من فضَّة، وفي آيةٍ أخرى﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً ﴾[فاطر: ٣٣] فاقتضت " دلالة " الآيتَين أنَّ كُلاٍّ منهم يُحلَّى ثلاثة أسوِرَةٍ: سِوارٌ من ذهبٍ وسوارٌ من فضَّة وسوار من لؤلؤٍ. قال بعضُهم: الضميرُ في قولهِ تعالى ﴿ وَحُلُّوۤاْ ﴾ راجعٌ إلى الـ (ولْدَانٌ). وقولهُ تعالى: ﴿ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ﴾؛ أي شراباً من خمرٍ ليس بنَجسٍ، كما كانت خمرُ الدنيا نجسةً، وَقِِِيْلَ: شرابٌ من خمرٍ لا يخالطهُ شيء من الفسادِ والقبائحِ ولا ينقلبُ إلى التغيُّر، بل هو من عينٍ على باب الجنَّة، مَن شَرِبَ منها نزَعَ اللهُ مِنْ قلبهِ الغِلَّ والحسدَ والغشَّ، قال أبو العاليةِ: ((مَعْنَاهُ: أنَّهُ لاَ يَصِيرُ بَوْلاً نَجِساً، وَلَكِنَّهُ يَصِيرُ رَشَحاً فِي أبْدَانِهِمْ كَرِيحِ الْمِسْكِ)).