قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾؛ أي من أجلِ ذلك القتلِ الذي عرفَهُ بنو إسرائيل واشتهرَ عندهم، فرَضْنَا وأوجَبنا عليهم في التَّوراة: ﴿ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ ﴾؛ أي من غيرِ أن يجبَ عليه القَوْدُ.
﴿ أَوْ ﴾؛ بغَيرِ؛ ﴿ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ ﴾؛ نحوَ الشِّرك وقطعِ الطريق والزِّنا عند الإحصان.
﴿ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً ﴾؛ أي استوجبَ النار بقتلِ النفس الواحدة، كما يستوجبُها مَن قَتَلَ الناس جميعاً، وَقِيْلَ: معناهُ: إنَّ على الناس كلهم معونةُ ولِيِّ القتيلِ حتى يفتدوهُ، ويكونوا كلُّهم خَصماً للقاتلِ حتى يُقَادَ. وَقِيْلَ: إن المرادَ به استحقاقُ القتلِ عليه بقتلِ النفس الواحدة. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ﴾؛ أي من استنقذ نفساً من غَرَقٍ أو من حَرْقٍ أو مما يُميتها لا محالةَ، أو استنقذها من كفرٍ أو ضلالة فأحياها بالنعيمِ الدائم في الجنَّة، أو عفَى عن دمها بعد ما وجبَ عليها القصاصُ استوجبَ الجنَّة، كما استوجبَها مَن أحيَا الناس جميعاً. وعن ابنِ عبَّاس قالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ سَقَا مُؤْمِناً شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ وَالْمَاءُ مَوْجُودٌ فَكَأَنَّمَا أعْتَقَ سَبْعِينَ رَقَبَةً، وَمَنْ سَقَاهَا فِي غَيْرِ مَوْطِنِهَا فَكَأَنَّمَا أحْيَا نَفْساً، وَمَنْ أحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً "قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَٰتِ ﴾؛ أي لقد جاءت بني إسرائيلَ رسُلنا بالأوامر والنواهِي والعلامات الواضِحات.
﴿ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ ﴾؛ بعدَ أن جاءَتهم الدلائلُ والمعجزات.
﴿ فِي ٱلأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴾؛ مُشرِكون تاركُو أمرَ اللهِ تعالى.