قوله: ﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ ﴾ أي حقيقة بعينها لما في الحديث:" من كذب علي متعمداً، فليتبوأ بين عيني جهنم مقعداً، قيل يا رسول الله أولها عينان؟ قال أما سمعتم الله عز وجل يقول: ﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً ﴾ يخرج عنق من النار له عينان يبصران، ولسان ينطق فيقول: " وكلت بمن جعل مع الله إلهاً آخر، فلهو أبصر به من الطير يحب السمسم فيلتقطه "وفي رواية:" يخرج عنق من النار يوم القيامة، له عينان يبصران، وأذنان يسمعان، ولسان ينطق يقول: إني وكلت بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلهاً آخر، وبالمصورين ". وهذا مذهب أهل السنة، وقالت المعتزلة: الكلام على حذف مضاف، أي رأت زبانيتها بناء منهم على أن الرؤية مشروطة بالحياة. قوله: ﴿ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ قبل مسيرة سنة، وقيل مائة سنة، وقيل خمسمائة سنة. قوله: (أو سماع التغيظ رؤيته وعلمه) أشار بذلك إلى أن السماع ليس على حقيقته، بل المراد منه الرؤية والعلم. وأجيب أيضاً: بأن المراد سماع ما يدل عليه وهو الغليان، وقد أفاده أولاً، فتحصل أن المفسر أجاب بجوابين. قوله: ﴿ وَإَذَآ أُلْقُواْ ﴾ أي طرحوا. قوله: ﴿ مَكَاناً ﴾ منصوب على الظرفية أي في مكان. قوله: (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (بأن يضيق عليهم) أي كضيق الحائط على الوتد الذي يدق فيه بعنف. قوله: (لأنه في الأصل صفة له) أي وهو نكرة، ومن المعلوم أن نعت النكرة إذا تقدم عليها يعرب حالاً، كقول الشاعر: لمية موحشاً طلل   والأصل لمية طلل موحش. قوله: ﴿ مُّقَرَّنِينَ ﴾ حال من الواو في ﴿ أُلْقُواْ ﴾ والتقرين تقييد الأرجل وجمع الأيدي والأعناق في السلاسل. قوله: (مصفدين) من التصفيد وهو الشد والإيثاق بالقيود. قوله: ﴿ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ﴾ أي في ذلك المكان. قوله: ﴿ ثُبُوراً ﴾ أي فيقولون: يا ثبوراه، هذا أوانك فاحضر، لأنه أخف مما هم فيه. قوله: (فيقال لهم) أي على سبيل التهكم والسخرية بهم. قوله: ﴿ ثُبُوراً وَاحِداً ﴾ أي مرة واحدة. قوله: (كعذابكم) تشبيه في الكثرة، وفي نسخة باللام، أي لأجل دوام عذابكم وكثرته، فينبغي أن يكون دعاؤكم كذلك. قوله: ﴿ قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ ﴾ الاستفهام للتوبيخ والتقريع، وإلا فليس في النار خير. قوله: (في علمه تعالى) جواب عما يقال: إنها لم تكن جزاء ومصيراً الآن، فأجاب: بأن المعنى قد سبق علم الله، بأنها تكون لهم جزاء ومصيراً. قوله: (مرجعاً) أي مستقراً.


الصفحة التالية
Icon