قوله: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ ﴾ لما قدم أن الكافر خارج عن طاعة ربه، وعن طاعة رسوله، وأمر الرسول أن لا يسألهم أجراً على تبليغه، أمره بالاعتماد عليه تعالى، ليكفيه شرورهم ويغنيه عن أجورهم، فإنه الحقيق بأن يتوكل عليه دون الأحياء الذين يموتون، فإنهم إذا ماتوا، ضاع من توكل عليهم، والتوكل هو وثوق القلب بالله تعالى في جميع الأمور، من غير اعتماد على الأسباب وإن تعاطاها. قوله: ﴿ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ ﴾ صفة كاشفة، لأن معنى الحي في حقه تعالى، ذو الحياة الأبدية التي يستحيل عليها الموت والفناء، ووصفه بالحياة بهذا المعنى مستلزم، لاتصافه بوجوب الوجود والقدم والبقاء وجميع الصفات الوجودية والسلبية. قوله: ﴿ وَسَبِّحْ ﴾ أي نزهه عن كل نقص. قوله: ﴿ بِحَمْدِهِ ﴾ الباء للملابسة كما قال المفسر، أي وصفه بالكمالات. قوله: (أي قل سبحان الله والحمد لله) أي فذلك بجمع التسبيح والتحميد، لأن معنى تسبيح الله، تنزيه الله عن كل نقص، ومعنى الحمد لله، كل كمال ثابت لله، فهاتان الكلمتان من جوامع الكلم التي أوتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما من جملة الباقيات الصالحات وغراس الجنة التي بقيتها لا إله إلا الله والله أكبر، وحكمة تأخير لا إله إلا الله عن هاتين الجملتين، ليكون النطق بها عن معرفة ويقين، فهي نتيجة ما قبلها، والله أكبر نتيجة الثلاثة فيها، لأنه إذا تنزه عن النقائص، واتصف بالكمالات، وثبت أنه لا إله غيره، فقد انفرد بالكبرياء والعظمة. وحكمة الاقتصار هنا على التسبيح والتحميد، لأنهما مستلزمتانت للجملتين بعدهما. قوله: ﴿ وَكَفَىٰ بِهِ ﴾ الباء زائدة في الفاعل. قوله: (عالماً) أي بالمذنب والطائع. قوله: (تعلق به) أي بخبيراً. قوله: (بذنوب) أي لفظ بذنوب وقدم لرعاية الفاصلة، والمعنى أن الله قادر على مجازاة الخلق في كل وقت، فلا ينظر الإنسان لعيوب الناس ولا طاعاتهم، بل عليه بنفسه، ويفوض أمره إليه.