قوله: ﴿ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ﴾ تعليل لنفي الضمير، وهل فعل بهم ما توعدهم به خلاف، ولم يرد في القرآن ما يدل على أنه فعل. قوله: (في زماننا) أي من أتباع فرعون، فلا ينافي أن بني إسرائيل سبقوهم بالايمان. قوله: ﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ ﴾ يحتمل أن يكون بتكليم الله له، أو على لسان جبريل. قوله: (بعد سنين) أي ثلاثين، وذلك أن موسى مكث في مصر أولاً ثلاثين، وفي مدين عشر سنين، ثم لما رجع إلى مصر ثانياً، مكث يدعوهم إلى الله ثلاثين سنة، ثم أغرق الله فرعون وقومه، وعاش بعد ذلك خمسين سنة، فجملة عمره مائة وعشرون سنة. قوله: (بآيات الله) أي باقي التسع، لأن موسى افتتحهم أولاً بالعصا واليد فلم يؤمنوا، فجاءهم بالسنين المجدبة، ثم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس على أموالهم، فلم يفد فيهم ذلك، وقد سبق ذلك مفصلاً في الأعراف. قوله: ﴿ بِعِبَادِيۤ ﴾ الإضافة للتشريف، والمعنى سر بعبادي المختصين برحمتي، وإلا فكل من حيث الخلق عباده. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (أي سر بهم ليلاً) تفسير لكل من القراءتين. قوله: (إلى البحر) أي بحر القلزم، فخرج موسى عليه السلام ببني إسرائيل في آخر الليل، فترك طريق الشام على يساره وتوجه جهة البحر، فكان الرجل من بني إسرائيل يراجعه في ذلك فيقول: هكذا أمرني ربي، فلما أصبح فرعون، وعلم بسير موسى ببني إسرائيل، خرج في أثرهم، وبعث إلى مدائن مصر لتلحقه الجيوش. قوله: ﴿ إِنَّكُم مّتَّبَعُونَ ﴾ علة للأمر بالسير. قوله: (حين أخبر بسيرهم) روي أن قوم موسى قالوا لجماعة فرعون: إن لنا في هذه اللية عيداً، ثم استعاروا منهم حليهم بهذا السبب، ثم خرجوا بتلك الأموال في الليل إلى جانب البحر، فلما سمع فرعون ذلك جمع قومه وتبعهم. قوله:(ومقدمة جيشه) الخ، أي وجملة جيشه ألف ألف وستمائة. قوله: (فاعلون ما يغيضنا) أي حيث خالفوا ديننا، وطمسوا على أموالنا، وقتلوا أبكارنا، لما روي أن الله أمر الملائكة أن يقتلوا أبكار القبط، وأوحى إلى موسى أن يجمع بني إسرائيل، كل أربعة أبيات في بيت، ثم يذبحوا أولاد الضأن، ويلطخوا أبوابهم بدمائها لتميز الملائكة بيوت بني إسرائيل من بيوت القبط، فدخلت الملائكة فقتلت أبكارهم، فأصبحوا مشغولين بموتاهم، وهذا هو سبب تأخر فرعون وقومه عن موسى وقومه. قوله: ﴿ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ﴾ أي من عادتنا الحذر والحزم في الأمور، قوله: (وفي قراءة) الخ، أي وهي سبعية أيضاً بمعنى الأولى، وقيل الحذر المتيقظ، والحاذر الخائف. قوله: (كانت على جانبي النيل) أي من أسوان إلى رشيد، قال كعب الأحبار: أربعة أنهار من الجنة وضعها الله تعالى في الدنيا: سيحان وجيجان والنيل والفرات، فيسحان نهر الماء في الجنة، وجيجان نهر اللبن في الجنة، والنيل نهر العسل في الجنة، والفرات نهر الخمر في الجنة. قوله: (أموال ظاهرة) هذا أحد قولين، وقيل المراد بالكنوز الأموال التي تحت الأرض وخصها بالذكر، لأن ما فوق الأرض انطمس، وحينئذ فتسميتها كنوزاً ظاهراً. قوله: (مجلس حسن للأمراء والوزراء) قيل كان إذا قعد على سريره، وضع بين يديه ثلاثمائة كرسي من ذهب، يجلس عليها الاشراف من قومه والامراء وعليهم قبة الديباج مرصعة بالذهب، وقيل المقام الكريم المنابر، وكانت ألف منبر لألف جبار، يعظمون عليها فرعون وملكه. قوله: (إخراجنا كما وصفنا) أشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ كَذَلِكَ ﴾ خبر لمحذوف. قوله: ﴿ وَأَوْرَثْنَاهَا ﴾ أي الجنات والعيون والكنوز، وقيل المراد أورثنا بني إسرائيل ما استعاروه من حلي آل فرعون، والأحسن أن يراد ما هو أعم، فإن بني إسرائيل رجعوا إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه، وملكوا مشارق الأرض ومغاربها. قوله:(وقت شروق الشمس) أي يوم الملاقاة، وليس المراد أنهم أدركوا بني إسرائيل يوم خروجهم، لأنهم تأخروا عنهم، حتى جمعوا جيوشهم ودفنوا موتاهم. قوله: (أي لن يدركونا) أشار بذلك إلى أن كلا للنفي. والمعنى لا سبيل لهم علينا، لأن الله وعدنا بالخلاص منهم.


الصفحة التالية
Icon