قوله: ﴿ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ ﴾ أتى بالمضارع إشارة إلى أن هذا الوصف مستمر وثابت في الأصنام في الماضي والحال والاستقبال، ولا بد من محذوف هنا، دل عليه قوله: ﴿ إِذْ تَدْعُونَ ﴾ تقديره هل يسمعون دعاءكم، قوله: ﴿ إِذْ تَدْعُونَ ﴾ ﴿ إِذْ ﴾ هنا بمعنى إذا، استحضاراً للحال الماضية وحكاية لها تبكيتاً عليهم. قوله: ﴿ قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ ﴾ الخ، هذا الجواب يفيد تسليم ما قاله إبراهيم، وإنما اعتذروا عن ذلك بالتقليد، فلما لم يجدوا مخلصاً غيره احتجوا به. قوله: ﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ ﴾ الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة عليه، والتقدير أتأملتم فعلكم أو أبصرتم ما كنتم تعبدون. قوله: ﴿ وَآبَآؤُكُمُ ﴾ عطف على الضمير في ﴿ تَعْبُدُونَ ﴾ وهو ضمير رفع متصل، فلذا فصل بالضمير المنفصل، قال ابن مالك: وإن على ضمير رفع متصل عطفت فافصل بالضمير المنفصلقوله: ﴿ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ ﴾ أسند العداوة لنفسه تعريضاً بهم، وهو أبلغ في النصيحة من التصريح بأن يقول فإنهم عدو لكم، إن قلت: كيف وصف الأصنام بالعداوة وهي لا تعقل؟ أجيب بأجوبة منها: أن المعنى عدو لي يوم القيامة إن عبدتهم في الدنيا، ومنها أن الكلام على حذف مضاف؛ أي فإن أصحابهم عدو لي، ومنها أن الكلام على القلب أي فإني عدو لهم. قوله: ﴿ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ أشار المفسر بقوله: (لكن) إلى أن الاستثناء منقطع، والمعنى لكن رب العالمين ليس بعدوي، بل هو ولي في الدنيا والآخرة. قوله: ﴿ ٱلَّذِي خَلَقَنِي ﴾ نعت لرب العالمين، أو بدل أو عطف بيان أو خبر لمحذوف، وما بعده عطف عليه. قوله: ﴿ فَهُوَ يَهْدِينِ ﴾ أتى بالفاء هنا، وفي قوله: ﴿ يَشْفِينِ ﴾ لترتب الهداية على الخلق والشفاء على المرض، بخلاف الإطعام والإسقاء، فليس بينهما ترتب، وأتى بثم في جانب الأحياء، لبعد زمنه عن زمن الموت، لأن المراد به الاحياء في الآخرة، قوله: (إلى مدين) أي وغيره من مصالح دنياي وآخرتي، وإنما خص الدين، لأن المقام للرد ولأنه أهم. قوله: ﴿ وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴾ أي في الدنيا والآخرة. قوله: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ أسند المرض لنفسه، وإن كان الكل من الله تأدباً كما قال تعالى:﴿ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ ﴾[آل عمران: ٢٦] ولم يقل الشر، وقال الخضر:﴿ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا ﴾[الكهف: ٧٩]، وقال﴿ فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا ﴾[الكهف: ٨٢].