قوله: ﴿ هُدًى ﴾ خبر لمحذوف قدره المفسر بقوله: (هو) فالجملة مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدر تقديره: ما فائدة الإتيان به؟ وما الثمرة المترتبة عليه؟ فأجاب بأنه ﴿ هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ قوله: (أي هاد من الضلالة) هذا أحد احتمالات في تفسير الهدى، ويحتمل أن المراد ذو هدى، أو بولغ فيه، حتى جعل نفس الهدى على حد ما قيل في زيد عدل. قوله: ﴿ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ حذف من الأول لدلالة الثاني عليه، فالقرآن هدى للمؤمنين وبشرى لهم لا للكافرين بدليل قوله تعالى:﴿ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ﴾[فصلت: ٤٤] وخص المؤمنين بالذكر لأنهم المعتنى بهم، المشرفون بخدمته تعالى. قوله: (يأتون بها على وجهها) أي بشروطها وأركانها على الوجه الأكمل. قوله: ﴿ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ ﴾ أي الواجبة للأصناف الثمانية. قوله: ﴿ وَهُم ﴾ مبتدأ، و ﴿ يُوقِنُونَ ﴾ خبره، و ﴿ بِٱلآخِرَةِ ﴾ متعلق بيوقنون. قوله: (يعلمونها بالاستدلال) أي من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فمن شك في ذلك فقد كفر. قوله: (لما فصل بينه وبين الخبر) أي بمتعلق الخبر وهو قوله: ﴿ بِٱلآخِرَةِ ﴾.
قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ ﴾ مقابل قوله: ﴿ هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ الخ، على عادته سبحانه وتعالى، متى ذكر وصف المؤمنين، يعقبه بذكر ضدهم قوله: ﴿ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ أي حسناها لهم بأن جعلناها محبوبة لأنفسهم، وهي في الواقع ليست حسنة، وإنما ذلك ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، قال الشاعر: يقضى على المرء في أيام محنته   حتى يرى حسناً ما ليس بالحسنقوله: (يتحيرون فيها) أي لتعارض الشيطان وإخبار الرحمن، ولم تكن لهم بصيرة يميزون بها الحسن، من القبح، فأهل الكفر متحيرون في كفرهم لكونهم في ظلمات، ومن المعلوم أن السائر في الظلمات، متحير بخلاف السائر في النور، فأهل الإيمان مصدقون مصممون على اعتقادهم، وأهل الكفر متشككون متحيرون. قوله: ﴿ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ ﴾ أي إن خسرانهم في الآخرة أشد من خسرانهم في الدنيا، لدوام العذاب في الآخر.


الصفحة التالية
Icon