قوله: ﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ ﴾ الخ، أي لم يكن جواب قوم إبراهيم له، حين أمرهم بعبادة الله، وترك ما هم عليه من عبادة الأوثان، جزاء لما صدر منه من النصيحة إلا ذلك، فإن النفس الخبيثة أبت أن لا تخرج من الدنيا حتى تسيء إلى من أحسن إليها، وهذا الكلام واقع من كبارهم لصغارهم، لأن الشأن أن الأمر بالقتل أو التحريق يكون من الكبار، والذي يتولى ذلك الصغار، وإنما أجابوا بذلك عناداً بعد ظهور الحجة منه. قوله: ﴿ أَوْ حَرِّقُوهُ ﴾ أتى هنا بالترديد، واقتصر في الأنبياء على أحد الأمرين، وهو الذي فعلوه، إلى أن ما هنا حكاية عن أصل تشاورهم، وما في الأنبياء عن عزمهم وتصميمهم على ما فعلوه، قوله: ﴿ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ ﴾ في الكلام حذف، والتقدير فقذفوه في النار فأنجاه الله الخ، وإلى هذا أشار المفسر بقوله: (التي قذفوه فيها). قوله: (هي) اي الآيات. قوله: (وإخمادها) أي سكون لهبها مع بقاء جمرها، وأما الأهماد فهو طفء النار بالمرة. قوله: (في زمن يسير) أي مقدار طرفة عين. قوله: (لأنهم المنتفعون) علة لمحذوف، والتقدير خصوا بالذكر لأنهم الخ. قوله: ﴿ وَقَالَ ﴾ (إبراهيم) عطف على قوله: ﴿ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ ﴾.
قوله: ﴿ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً ﴾ إن حرف توكيد ونصب، وما مصدرية، و ﴿ ٱتَّخَذْتُمْ ﴾ صلتها مسبوكة بمصدر اسم إن، و ﴿ أَوْثَاناً ﴾ مفعول أول، والمفعول الثاني محذوف قدره المفسر بقوله: (تعبدونها) و ﴿ مَّوَدَّةَ ﴾ خبر إن، و ﴿ مِّن دُونِ ٱللَّهِ ﴾ حال من ﴿ أَوْثَاناً ﴾ وهذا على قراءة الرفع، وقوله: (وعلى قراءة النصب) مفعول (وما كافة) أي سواء قرى بتنوين ﴿ مَّوَدَّةَ ﴾ ونصب ﴿ بَيْنِكُمْ ﴾ أو بعدم التنوين، وخفض بينكم واتخذ إما متعد لواحد أو لاثنين، والثاني هو قوله: ﴿ مِّن دُونِ ٱللَّهِ ﴾ ويصح أن تكون ما اسماً موصولاً، و ﴿ ٱتَّخَذْتُمْ ﴾ صلته والعائد محذوف، والتقدير إن الذي اتخذتموه من دون الله أوثاناً تعبدونها لأجل المودة بينكم، ونقل عن عاصم أنه رفع مودة غير منونة ونصب بينكم، وخرجت على إضافة مودة للظرف، وبنى لاضافته لغير متمكن كقراءة:﴿ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ﴾[الأنعام: ٩٤] بالفتح إذا جعل بينكم فاعلاً، فتحصل أن القراءات أربع: الرفع مع جر بين وفتحها، والنصب مع جر بين وفتحها، وكلها سبعي. قوله: (المعنى) أي الحاصل من تلك القراءات. قوله: (يتبرأ القادة) أي ينكرونهم ويقولون لهم لا نعرفكم. قوله: (صدق إبراهيم) أي نبوته وإن كان مؤمناً قبل ذلك، ويجب الوقف على لوط لأن قوله: ﴿ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ ﴾ من كلام إبراهيم، فلو وصل لتوهم أنه من كلام لوط. قوله: (أي إلى حيث أمرني ربي) دفع بذلك ما يتوهم من ظاهر اللفظ إثبات الجهة له سبحانه وتعالى. قوله: (وهاجر من سواد العراق) أي فنزل بحران هو وزوجته سارة ولوط ابن أخيه، ثم انتقل منها فنزل بفلسطين ونزل لوط بسذوم، وكان عمر إبراهيم إذ ذاك خمساً وسبعين سنة.


الصفحة التالية
Icon