قوله: (يرجون نفعها) هذا هو وجه الشبه، أي فمثل الذين اتخذوا من دون الله أصناماً يعبدنها، في اعتمادهم عليها ورجائهم نفعاً، كمثل العنكبوت في اتخاذها بيتاً، لا يغني عنها في حر ولا برد ولا مطر ولا أذى، وحمل المفسر الأولياء على الأصنام مخرج للأولياء بمعنى المتولين في خدمة ربهم، فإن اتخاذهم بمعنى التبرك بهم والالتجاء لهم والتعلق بأذيالهم مأمور به، وهم أسباب عادية تنزل الرحمات والبركات عندهم لا بهم، خلافاً لمن جهل وعاند وزعم أن التبرك بهم شرك. قوله: ﴿ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ﴾ هو حيوان معروف، له ثمانية أرجل وستة أعين، يقال إنه أقنع الحيوانات، جعل الله رزقه أحرص الحيوان وهو الذباب والبق، ونونه أصلية، والواو والتاء زائدتان، بدليل قولهم في الجمع عناكب، وفي التصغير عنيكيب. قوله: ﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ ﴾ الجملة حالية. قوله: (كذلك الأصنام لا تنفع عابديها) أي فمن التجأ لغير الله فلا ينفعه شيء، ومن التجأ لله وقاه بغير سبب وبسبب ضعيف، ومن هنا وقاية رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكفار حين نزل الغار، بالعنكبوت وبيض الحمام، مع كونهما أضعف الأشياء. قوله: (ما عبدوها) قدره إشارة إلى أن جواب لو محذوف. قوله: (بمعنى الذي) أشار بذلك إلى أن ﴿ مَا ﴾ اسم موصول، وجملة ﴿ يَدْعُونَ ﴾ صلتها، والموصول وصلته معمول ليعلم. قوله: (أي يفهمها) أي يفهم صحتها وفائدتها. قوله: ﴿ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ ﴾ خصهم لأنهم المنتفعون بذلك، وأما الكافرون فيزدادون طغياناً وعتواً. قوله: (محقّاً) أشار بذلك إلى أن الباء في ﴿ بِٱلْحَقِّ ﴾ للملابسة، والجار والمجرور حال. قوله: (خصوا بالذكر) جواب عما يقال إن في خلق السماوات والأرض آية لكل عاقل.


الصفحة التالية
Icon