قوله: ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا ﴾ أي أمورها التي لا تتعلق بالدين. قوله: (أي بالمعروف) أشار بذلك إلى أنه منصوب بنزع الخافض. قوله: ﴿ وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ قيل إن الخطاب للمكلفين عموماً، ويراد بمن أناب النبي وأصحابه ومن على قدمهم، وقيل الخطاب لسعد بن أبي وقاص، والمراد بمن أناب أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك أنه حين أسلم، أتاه عثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف فقالوا له: قد صدقت هذا الرجل وآمنت به؟ قال: نعم هو صادق فآمنوا، ثم جاء بهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى أسلموا، فهؤلاء سابقون للإسلام بإرشاد أبي بكر رضي الله عنه. قوله: (فأجازيكم عليه) أي على العمل الحسن والسيء. قوله: (وجملة الوصية) أي وهي قوله: ﴿ وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ ﴾ إلخ. وقوله: (وما بعدها) أي وهو قوله: (وإن جاهداك) إلخ، وقوله: (اعتراض) أي بين كلامي لقمان. قوله: ﴿ يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ ﴾ إلخ، رجوع لذكر وصايا لقمان لولده، وسبب تلك المقالة أنه قال له ولده: يا أبت إن عملت الخطيئة حيث لا يراني أحد، كيف يعلمها الله؟ فقال له تلك المقالة وهذا السؤال، ليس عن اعتقاد لمضمونه، إذ هو مسلم لا يعتقد أن الله تخفى عليه خافية، وإنما مقصوده الانتقال من العلم بالدليل إلى المعرفة والمشاهدة، ولذا مات من استيلاء الهيبة على قلبه. قوله: ﴿ مِّنْ خَرْدَلٍ ﴾ هو حب الكبر وهو أصغر حب، والمراد أصغر شيء، بدليل ضرب المثل بالذرة في الآية. قوله: ﴿ فِي صَخْرَةٍ ﴾ قيل المراد بها التي تحت الأرضين السبع، وهي التي يكتب فيها أعمال الفجار، وخضرة السماء منها لما قيل: خلق الأرض على حوت، والحوت في الماء على ظهر صفاة، والصفاة على ظهر ملك، وقيل على ظهر ثور وهو على الصخرة، وهي التي ذكرها لقمان، فليست في السماء ولا في الأرض. قوله: (أي في أخفى مكان من ذلك) أي من الصخرة والسماوات والأرض، فأخفى الصخرة باطنها، وأخفى السماوات أعلاها، وأخفى الأرض أسفلها. قوله: ﴿ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ ﴾ جواب الشرط. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ ﴾ أي عالم بخفيات الأمور. قوله: ﴿ خَبِيرٌ ﴾ أي عالم ببواطن الأشياء كظواهرها، قيل إن هذه الكلمة آخر كلمة تكلم بها لقمان، فانشقت مرارة ابنه من هيبتها وعظمتها، فمات مسلماً شهيداً رضي الله عنه. قوله: ﴿ يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ ﴾ أي بشروطها وأركانها وآدابها، لكونها عماد الدين ومناجاة الله تعالى. ﴿ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ ﴾ قوله: أي بكل ما عرف شرعاً، لأن الدال على الخير كفاعله. قوله: ﴿ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ ﴾ أي باليد أو اللسان أو القلب على حسب الطاقة، فإن لم يفد، فالهجر أولى بالمعروف. قوله: (بسبب الأمر والنهي) المناسب حمله على العموم، فالصبر على المصائب، سواء كانت من الخلق أو الخالق أمره عظيم، لأن الكل في الحقيقة من الله، والمراد بالصبر التسليم لأحكام الله والرجوع إليه، قال تعالى:﴿ وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ * ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾[البقرة: ١٥٥-١٥٦].
قوله: (التي يعزم عليها لوجوبها) أي تحتمها على المكلفين، فلا ترخيص في تركها.


الصفحة التالية
Icon