قوله: ﴿ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ ﴾ أي الشأن، والحال والمعنى يتصرف على طبق علمه وإرادته، وهو القضاء والقدر المشار إليهما بقول الأجهوري: إرادة الله مع التعلق   في أزل قضاؤه فحققوالقدر الإيجاد للأشياء على   وجه معين أراده علاوبعضهم قد قال معنى الأول: العلم مع تعلق في الأزل   والقدر الإيجاد للأمور   على وفاق علمه المذكوروهذه الآية بمعنى قوله تعالى:﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾[الرحمن: ٢٩] فالتصرف الذي يظهر في الخلق، من حيث وجوده على طبق العلم والإرادة قدر، ومن حيث تعلق علم الله وإرادته به قضاء، فكل شيء بقضاء وقدر. قوله: ﴿ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ﴾ قال ابن عباس: معناه ينزل القضاء والقدر، وقيل ينزل الوحي مع جبريل، وروي أنه يدبر أمر الدنيا أربعة: جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل صلوات الله عليهم أجمعين، فأما جبريل فموكل بالأرياح والجنود، وأما ميكائيل فموكل بالقطر والماء، وأما ملك الموت فموكل يقبض الأرواح، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم، وقد قيل: إن العرض موضع التدبير، كما أن ما دون العرش موضع التفصيل قال تعالى:﴿ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّـى يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ ﴾[الرعد: ٢] وما دون السماوات موضع التصريف. قوله: (مدة الدنيا) أي وهي كما ورد سبعة آلاف سنة، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الألف السادس، ومدة أمته تزيد على الألف سنة، ولا تبلغ الزيادة عليها خمسمائة سنة، كما ذكره السيوطي في الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف، وهذا أحد أقوال تقدمت. قوله: (يرجع الأمر والتدبير) ﴿ إِلَيْهِ ﴾ أي ينتقل التصريف الظاهري من أيدي العبيد يوم القيامة، ويكون لله وحده ظاهراً وباطناً، قال تعالى:﴿ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ ﴾[غافر: ١٦].
قوله: (لشدة أهواله) إلخ، هذا إشارة لوجه الجمع بين الآيتين، أي فالمراد من ذكر الألف وذكر الخمسين، التنبيه على طوله والتخفيف منه، لا العدد المذكور بخصوصه، وجمع أيضاً بأن موقف القيامة خمسون موقفاً، كل موقف ألف فهذه الآية بينت أحد المواقف، وآية سأل بينت المواقف كلها، وهذا هو الأقرب، وجمع أيضاً بأن العذاب مختلف، فيعذب الكافر بجنس من العذاب ألف سنة، ثم ينتقل إلى جنس آخر مدته خمسون ألف سنة. قوله: (من صلاة مكتوبة) صادق بصلاة الصبح، فهو في حق المؤمنين قصير جداً. قوله: ﴿ ذٰلِكَ ﴾ مبتدأ، و ﴿ عَالِمُ ﴾ خبر أول، و ﴿ ٱلْعَزِيزُ ﴾ خبر ثان، و ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ خبر ثالث، و ﴿ ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ ﴾ خبر رابع، وهذه قراءة العامة، وقرئ شذوذاً برفع ﴿ عَالِمُ ﴾ وخفض ﴿ ٱلْعَزِيزُ ﴾ على أنهما بدلان من الهاء في إليه، وقرئ أيضاً بجر ﴿ عَالِمُ ﴾ وما بعده، وخرجت على جعل اسم الإشارة فاعلاً ليعرج، و ﴿ عَالِمُ ﴾ وما بعده بدل من الضمير في إليه.


الصفحة التالية
Icon