قوله: ﴿ وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ ﴾ أي أبصروهم محدقين حول المدينة. قوله: ﴿ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ ﴾ أي بقوله:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ ﴾[البقرة: ٢١٤] ﴿ وَرَسُولُهُ ﴾.
أي بقوله: إن الأحزاب سائرون عليكم بعد تسع ليال أو عشر، والعاقبة لكم عليهم. قوله: ﴿ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾ أي ظهر صدق خبر الله ورسوله في الوعد بالنصر، فاستبشروا بالنصر قبل حصوله، وأظهر في محل الإضمار، وزيادة في تعظيم اسم الله، ولأنه لو أضمر الجمع بين اسم الله واسم رسوله في ضمير واحد، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم عاب على من قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصمهما فقد غوى، فقال له: بئس خطيب القوم أنت، قل: ﴿ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأحزاب: ٣٦].
قوله: ﴿ وَمَا زَادَهُمْ ﴾ (ذلك) أي والوعد أو الصدق. قوله: ﴿ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ ﴾ إلخ، هم جماعة من الصحابة نذروا أنهم إذا أدركوا حرباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا. قوله: أي وفي نذره بموته في القتال، يقال: نحب ينحب، من باب قتل نذر، ومن باب ضرب بكى، قوله: ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ ﴾ (ذلك) أي قضاء النحب بالموت في سبيل الله. قوله: (بخلاف حال المنافقين) أي فقد بدلوا وغيروا، فكان الواحد منهم إذا أراد القتال، إنما يقال خوفاً على نفسه وماله، لا طمعاً في رضا الله. قوله: ﴿ لِّيَجْزِيَ ٱللَّهُ ٱلصَّادِقِينَ ﴾ الخ. قوله: (بأت يميتهم على نفاقهم) أشار بذلك إلى أن مفعول ﴿ شَآءَ ﴾ محذوف، ودفع بذلك ما يقال: إن عذابهم متحتم، فكيف علق على المشيئة؟ فالتعليق بحسب علمنا، وأما في علم الله فالأمر محتم، إما بالسعادة أو الشقاوة، وسيظهر ذلك للعباد.


الصفحة التالية
Icon