قوله: ﴿ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ إلخ، قيل: نزلت في علي بن أبي طالب، كانوا يؤذونه ويسمعونه، وقيل: نزلت في شأن عائشة رضي الله عنها، وقيل: نزلت في شأن المنافقين الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يطلبون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن، فإن سكتت المرأة اتبعوها، وإن زجرتهم انتهوا عنها، وفي هذه الآية زجر لمن يسيء الظن بالمؤمنين والمؤمنات، ويتكلم فيهم من غير علم، وهي بمعنى قوله تعالى:﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ ﴾[الحجرات: ١٢].
قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ ﴾ إلخ، سبب نزولها: أن المنافقين كانوا يتعرضون للنساء بالأذية، يريدون منهن الزنا، ولم يكونوا يطلبون إلا الإماء، ولكن كانوا لا يعرفون الحرة من الأمة، لأن زي الكل واحد، تخرج الحرة والأمة في درع مخمار، فتكون ذلك لأزواجهن، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت. قوله: ﴿ يُدْنِينَ ﴾ أي يرخين ويغطين. قوله: (التي تشمل بها) أي تتغطى وتتستر بها المرأة من فوق الدرع والخمار. قوله: (فلا يغطين وجوههن) أي فكن لا يغطين وجوههن، وهذا فيما مضى، وأما الآن فالواجب على الحرة والأمة الستر بثياب غير مزينة خوف الفتنة. قوله: (لما سلف منهن من ترك الستر) وورد أن عمر بن الخطاب مر بجارية متقنعة، فعلاها بالدرة وقال لها أتتشبهين بالحائر يا لكاع، ألقي القناع. قوله: ﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ ﴾ أي كعبد الله بن أبي وأصحابه. قوله: ﴿ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾ أي فجور وهم الزناة، وهم من جملة المنافقين. قوله: ﴿ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ ﴾ أي بالكذب، وذلك أن ناساً منهم كانوا إذا خرجت سراياه صلى الله عليه وسلم يوقعون في الناس أنهم قد قتلوا وهزموا ويقولون: قد أتاكم العدو. قوله: (لنسلطنك عليهم) أي فتخرجهم من مجلسك وتقتلهم، وقد فعل بهم صلى الله عليه وسلم ذلك، فإنه لما نزلت في سورة براءة، جمعهم وصعد على المنبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا فلان قم فاخرج فإنك منافق، ويا فلان قم، فقام إخوانهم من المسلمين، وتولوا إخراجهم من المسجد. قوله: ﴿ مَّلْعُونِينَ ﴾ حال من محذوف قدره المفسر بقوله: (ثم يخرجون). قوله: (أي الحكم فيهم هذا) أي الأخذ والقتل. قوله: (على جهة الأمر به) أي أن الآية خبر بمعنى الأمر. (أي سن الله ذلك) أشار بذلك إلى أن سنة مصدر مؤكد، وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، أي فلا تحزن على وجود المنافقين في قومك، فإنه سنة قديمة، كما كان في قوم موسى، منهم موسى السامري وأتباعه، وقارون وأتباعه. قوله: ﴿ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾ أي تغييراً ونسخاً، لكونها بنيت على أساس متين، فليست مثل الأحكام التي تتبدل وتنسخ.


الصفحة التالية
Icon