قوله: ﴿ يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ ﴾ أي على سبيل الاستهزاء والسخرية، لأنهم ينكرونها. واعلم أن السائل للنبي عن الساعة أهل مكة واليهود، فسؤال أهل مكة استهزاء، وسؤال اليهود امتحان، لأن الله أخفى علمها في التوراة، فإن أجابهم بالتعيين ثبت عندهم كذبه، وإن أجابهم بقوله: علمها عند ربي مثلاً، ثبتت نبوته وصدقه، فقول المفسر (أي أهل مكة) أي واليهود. قوله: ﴿ عَنِ ٱلسَّاعَةِ ﴾ أي عن أصل ثبوتها، وعن وقت قيامها. قوله: ﴿ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ ﴾ أي لم يطلع عليها أحد، وهذا إنما هو وقت السؤال، وإلا فلم يخرج نبينا صلى الله عليه وسلم من الدنيا، حتى أطلعه الله على جميع المغيبات ومن جملتها الساعة، لكن أمر بكتم ذلك. قوله: ﴿ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾ ﴿ مَا ﴾ استفهامية مبتدأ، وجملة ﴿ يُدْرِيكَ ﴾ خبره، والاستفهام إنكاري. قوله: ﴿ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ﴾ ﴿ لَعَلَّ ﴾ حرف ترج ونصب، و ﴿ ٱلسَّاعَةَ ﴾ اسمها، وجملة ﴿ تَكُونُ ﴾ خبرها، و ﴿ قَرِيباً ﴾ حال وتكون تامة، ولذا فسرها بتوجد، والمعنى قل أترجى وجود الساعة عن قريب، فكل منهما جملة مستقلة لما ورد: أن الدنيا سبعة آلاف سنة، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الألف السابع، فلم يبق من الدنيا إلا القليل. قوله: ﴿ خَالِدِينَ ﴾ حال مقدرة. قوله: ﴿ فِيهَآ ﴾ أي من السعير. وأنثه مراعاة لمعناه. قوله: ﴿ أَبَداً ﴾ تأكيد لما استفيد من قوله: ﴿ خَالِدِينَ ﴾.
قوله: ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ ﴾ إما ظرف لخالدين، أو ليقولون مقدم عليه، والمعنى تصرف من جهة إلى جهة، كاللحم يشوي بالنار. قوله: ﴿ يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ ﴾ كلام مستأنف واقع في جواب سؤال مقدر كأنه قيل: ماذا صنعوا عند ذلك؟ فقيل: يقولون متحسرين على ما فاتهم ﴿ يٰلَيْتَنَآ ﴾ إلخ. قوله: ﴿ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ ﴾ بألف بعد اللام، وبدونها هنا، وفي قوله: ﴿ ٱلسَّبِيلاْ ﴾ قراءتان سبعيتان، وتقدم التنبيه على ذلك. قوله: ﴿ سَادَتَنَا ﴾ جمع إما لسيد أول لسائد على غير قياس. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (جمع الجمع) أي جمع تصحيح بالألف والتاء لسادة، الذي مفرده إما سيد أو سائد. قوله: (أي مثلي عذابنا) أي لأنهم ضلوا وأضلوا. قوله: (وفي قراءة بالموحدة) أي وهما سبعيتان. قوله: (ما يمنعه أن يغتسل معنا) إلخ، أي لما روي أن بني إسرائيل كانوا يغتسلون عراة، ينظر بعضهم إلى سوأة بعض، وكان موسى يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا، إلا أنه آدر، فذهب يوماً يغتسل، فوضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه، فجعل موسى عليه السلام يعدو إثره يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى نظرت بنو إسرائيل سوأة موسى فقالوا: والله ما بموسى من بأس، فقام الحجر حتى نظروا إليه، فأخذ ثوبه فاستتر به، وطفق بالحجر ضرباً، قال أبو هريرة: والله إن به ندباً، أي أثراً، ستة أو سبعة من ضرب موسى.


الصفحة التالية
Icon